شكل (1)
Hubbert Gurve
Source : Hybbert Gurve
لقد صاغ هبررت ذروة الإنتاج بالقول "بوسعنا أن نعلن على وجه اليقين أن منحنى الإنتاج لأي نوع من الوقود الاحفورى يمر بواحدة أو عدة مراحل من الارتفاع ثم سرعان ما يبدأ فى الانخفاض حتى يصل إلى مستوى الصفر ، ومن ثم فبينما هناك لانهائية من هذه الأشكال التي قد تأخذ هذا المنحنى تشترك جميعها فيما يلي المنطقة أسفل منها يجب أن تكون مساوية أو أقل من الكمية الموجودة فى الوقت الحالي"([31]). يستخلص من منحنى هبررت أن إنتاج النفط له ذروة إنتاج بمعنى أن الإنتاج يصل إلى أقصى كمية ثم يبدأ بعدها فى الهبوط إلى أن يصل إلى مستوى الصفر أو بمعنى آخر أن الكمية الباقية أقل من الموجودة فى
الوقت الحالى .
وتختلف التقديرات حول الحد الأقصى لإنتاج النفط ومن ثم تناقصه، فتذهب أكثر التقديرات تفاؤلا إلي أن هذا الحد لن يتحقق قبل عام 2035 ثم يبدأ بعدها الإنتاج العالمي في التناقص، وتذهب تقديرات أخرى إلى أن هذا الحد يمكن أن يحدث في عام 2015 وربما في عام 2025 في أحسن الأحوال([32]) .
وتدرك الدول الصناعية الغربية بقيادة الولايات المتحدة أن النفط الذي يمثل 40% من الطاقة العالمية يقترب من النضوب النهائي، نتيجة للزيادة المطردة فى الطلب العالمي على أثر انخفاض سعره عام 1986 هذا من ناحية، وتدرك أن بدائل النفط قد لا تفي في الإحلال محله بالقدر الكافي في الوقت المناسب ومن ثم أصبح لا مفر من نشوب الصراع بين تلك الدول لتأمين احتياجاتها من النفط عبر المستقبل المنظور من ناحية ثانية. ويشير تقرير حديث لمجموعة IHS Energy Group إلى مسئولية 12 دولة عن إنتاج ثلث الإنتاج العالمي من النفط لم تستطيع تلك الدول خلال الفترة من 1992-2001 تعويض ما نضب من احتياجاتها إلا بنسب ضئيلة.
وتأكيد لذلك يشير تقدير المساحة الجيولوجية الأمريكية USGS لعام 2002
US Geological Survey إلى أن الاحتياطيات النفطية العالمية المؤكدة تقدر بنحو 959 مليار برميل بنقص 11% عن التقديرات التي تتبناها منطقة أوبك ، وتشير تقدير USGS الأمريكية عن احتياطات أوبك المؤكدة بنحو 612 مليار برميل وهو ما يقل بنحو 28% عن ما هو معلن، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن العالم يواجه ننقص فى إمدادات النفط عام 2020 بنحو19 مليون برميل فى اليوم، ويتوقع في ضوء هذه القدرة المتزايدة للنفط هبوط القدرة الإنتاجية للنفط خلال المستقبل المنظور إلا فى عدد محدود من الدول يأتي في مركزها خمس دول من الخليج العربي ثم عدد محدود يدور حولها وينسق معها سياسات الإنتاج والتصدير والتسعير([33]).
لقد كشفت الإدارة الأمريكية لأول مرة في تاريخها عن أزمة الطاقة ونضوب البترول في ظل إدارة بوش الابن ولكن هناك شكوك حول خطة بوش لمواجهه أزمة الطاقة، لكن الأمر المتحقق هو انخفاض إنتاج الولايات المتحدة من النفط من 9.6 مليون برميل في الستينيات من القرن العشرين إلى 3.4 مليون برميل حاليا مع استبعاد بترول ألاسكا في المياه العميقة يقابل هذا الانخفاض تضاعف الاستهلاك عدة مرات، لذلك على الولايات المتحدة أن تعي قبل غيرها قضية استنزاف الطاقة لأنها تملك السجل الأكثر دقة حول إحصائيات الطاقة في العالم([34]).وبين الجدول رقم 6 نمو القدرة الإنتاجية للنفط في الدول المنتجة الرئيسية .
جدول (6)
نمو القدرة الإنتاجية للنفط فى الدول الرئيسية (الوحدة مليون برميل/يومياً)
المصدر : مجلة السياسة الدولية ، العدد 171 ، السنة 44 ، يناير 2008 .
ويتساءل البعض هل العالم مقبل على فائض أم عجز فى العرض العالمي للنفط وإذا كان العجز هو الأرجح فكيف يعالج، هل يترك لجهاز الثمن، أو يترك للضغط الغربي بقيادة الولايات المتحدة على المنتجين وبخاصة فى منطقة الخليج لزيادة الإنتاج واستنزاف الباقي من النفط فى أقل فترة زمنية وبأدنى الأسعار.
لابد بداية أن نعرف معدل النضوب Outtake وهو مقياس نسبى لحجم الإنتاج السنوي مقسوماً على حجم الاحتياطيات التي تم اكتشافها وتنميتها.وهناك العديد من العوامل التي تؤثر في معدل النضوب وتعتمد أولاً في قرار السلطة القائمة بتحديد حجم الإنتاج ويعتمد ثانياً على خواص الخزان الأرضي([35]).
وتعتمد الدراسات الغربية فيما يتعلق بالتوازن بين العرض والطلب Supply-Demand Balance على عاملين أساسيين هما معدل نمو الطلب العالمي على النفط ومعدل النضوب فى دول أوبك، وقد اعتمدت أوبك فى توسعاتها على تنمية الاحتياطيات المكتشفة وأيضا على رفع معدل النضوب Outtake بزيادة معدل الإنتاج من الاحتياطات الجاهزة، ومع ذلك تتجه أغلب الدراسات الغربية على مطالبة أوبك بزيادة الإنتاج وان ترفع معدل النضوب فيها من نحو 2% إلى نحو 4% أو ما يزيد على ذلك وتخص الدراسات دول منطقة الشرق الأوسط لرفع إنتاجها لتلبية الطلب العالمي مما يهدد بسرعة نضوب نفطها.
فإذا كان المعدل الحالي للنضوب 2% في المتوسط سنويا من احتياطياتها المؤكدة الجاهزة للإنتاج وهذا معناه أن البترول سيستغرق 50 عاما لنضوبه، بينما إذا ارتفع معدل النضوب إلى 4% فعمر الاحتياطي يقل إلى النصف 25 عاما، وإذا ارتفع معدل النضوب إلى 7% فمعنى ذلك نهاية البترول خلال 14 عاما أو اقل من ذلك بحلول عام 2020 ، وإذا نفذ نفط العرب تبعا لاستنزافه فإن المنطقة تعود لعالم النسيان شأن العديد من دول العالم الثالث التي لا تتمتع بموارد طبيعية يحتاج إليها الاقتصاد الأمريكي([36]).
المبحث الثالث
مصادر الطاقة واستهلاكها فى مصر
لقد عرفت مصر مصادر الطاقة الأولية – الاحفورية – مثل الفحم الذي كان يستورد أبان الفترة من 1844 إلى 1913 بكميات تتراوح ما بين 0.3 إلى 1.5 مليون طن فى السنة ، بجانب المخلفات الزراعية كالحطب الذي كان يستخدم كوقود فى المناطق الريفية .
وبدأت أول اكتشافات للفحم عام 1844 واكتشف البترول فى عام 1913 بكميات تجارية ومنذ اكتشاف البترول أصبح هو المصدر الرئيسي للطاقة، ثم دخل الغاز الطبيعي عام 1975 كمصدر أولى للطاقة وأصبح هو والبترول العنصران الأساسيات لاستهلاك الطاقة في مصر([37]) .وهناك مجالات أخرى للطاقة ولكنها غير تجارية أو فى طور التجارب والأبحاث، وقد أعلن مؤخراً عن ضرورة دخول مصر فى مجال الطاقة النووية وذلك بعد توقف دام لما يزيد عن عقدين([38]) .
ويتأتى الإعلان عن دخول مصر عصر الطاقة النووية لاستخدامها فى توليد الطاقة لما تواجهه مصر من أزمة فى الطاقة، وخطر نفاذ الطاقة الاحفورية .وقد تزايد استهلاك مصر من البترول والغاز الطبيعي خلال الفترة من 1975 إلى 2006 من 7.5 مليون طن إلى 52 مليون طن بمعدل نمو 6.5% فى المتوسط سنوياً.
وتزايد استهلاك مصر من الطاقة الكهربائية خلال الفترة 1975-2006 من 10 مليارات كيلو وات ساعة إلى نحو 109 مليارات، وزيادة استهلاك الكهرباء تحتاج إلى طاقة بترولية وغاز طبيعي وذلك نتيجة أن الطاقة الكهرومائية المولدة من السد العالي ومن باقي المساقط المائية على النيل لا تتجاوز 13 مليار كيلو وات ساعة، وهو ما يعادل حرارياً 3 ملايين طن بترول، ولذا فإن باقي الكهرباء المولدة تعتمد على استهلاك البترول والغاز، ولهذا زاد المستهلك سنوياً من البترول والغاز الطبيعي من 700 ألف طن إلى 21 مليون طن بمعدل نمو 11.6% فى المتوسط سنوياً، وزاد حجم الاستخدامات الأخرى من البترول والغاز خلال الفترة ذاتها من 6.8 مليون طن إلى 31 مليون طن بمعدل نمو 5% فى المتوسط سنوياً([39]). ويمثل البترول 92% من المصادر الأولية للطاقة فى مصر([40]). ويشير الجدول رقم 7 إلى تطور احتياطيات وإنتاج واستهلاك خام البترول فى الفترة من 1970-1997م .
جدول (7)
تطور احتياطيات وإنتاج واستهلاك خام البترول فى الفترة من 1970-1997(مليون طن متر)
المصدر : الهيئة المصرية العامة للبترول ، التقرير السنوي ، أعداد متنوعة.
يمكن أن نستخلص من الجدول السابق الآتي:
أولاً: تطور الإنتاج البترولي في مصر ويمكن رصده من خلال أربعة مراحل تاريخية كالتالي:
1- الفترة من 1970-1974 كان أبرز معالمها انخفاض إنتاج البترول بسبب ضغوط الاستعداد لحرب أكتوبر وعدم سيطرة مصر على حقول البترول فى خليج السويس وسيناء .
2- من 75-1979 تميزت بزيادة كبيرة فى الإنتاج بنسبة بلغت 17.5% سنوياً بسبب استعادة مصر حقول سيناء أواخر عام 1975.
3- 1980-1984 استمرار تزايد الإنتاج البترولي ولكن بمعدلات أقل من الفترة السابق.
4- 1985-1997 وجود ثبات فى معدلات الإنتاج السنوي التي تدور حول 43.7 مليون طن سنوياً فى المتوسط.
وتعتمد مصر على التوسع الكبير في الوقود الاحفورى لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة الأولية، حيث لبى 94% من الطلب عليه خلال عام 2004/2005، وساهم النفط بـ50.4% من الطلب، والغاز الطبيعي بـ 43.6%، والطاقة الكهرومائية بـ 4.6%،والفحم بـ 1.20% في نفس العام.
وقد نما إنتاج الطاقة الأولية بمعدل سنوي متوسط بنسبة 2.26% خلال الفترة من 81/1982- 2004/2005، ومتوسط الزيادة في إنتاج النفط 0.13% فقط في السنة، ونما الغاز الطبيعي بمعدل سريع متوسطه 11.4% في السنة بما يعكس الاكتشافات الجديدة من الغاز الطبيعي. بينما نما الطلب على الطاقة بمعدل سنوي متوسطه 4.64% عن ذات الفترة، ونما الطلب على النفط بـ 3.34%، والغاز الطبيعي بـ 13% متوسط سنوي.
ويعكس الإنتاج والاستهلاك التحديات التي تواجهها مصر في قطاع الطاقة في الأعوام الأخيرة، حيث لم تتغير مصادر النفط خلال العشرة سنوات الأخيرة وثبات الاحتياطي منه عند 3.7 مليار برميل دون ثمة توقع للزيادة، إلا أن الغاز الطبيعي تقدر احتياطياته بـ67 تليريون قدم معكب في يناير 2006 بما يشير بوفائه بالطلب المتزايد على الطاقة الاحفورية([41]).
ثانياً : تطور الاستهلاك البترولي:
1- الفترة الأولى 1970-1974 انخفاض فى استهلاك مصر من البترول بسب آثار عام 1967 وفقدان مصر لأهم مصادر البترول فى خليج السويس.
2- الفترة الثانية 1975-1985 وشهدت هذه الفترة انفجار استهلاكي في البترول فقد زاد استهلاك زيت البترول الخام من 8 مليون طن عام 1975 إلى 19مليون طن عام 1985بمعدل زيادة سنوية 9.2% ويعود ذلك إلى توافر الطاقة المحلية والتوسع فى إنتاج البترول .
3- الفترة من 1985 – 1997 تميزت بتزايد استهلاك البترول بمعدل متواضع بمقدار 2.4% سنوياً ويعكس ذلك انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي الذي يمثل أهم معالم دالة الطلب على الطاقة حيث كان معدل النمو الناتج المحلى 2.9%، بينما بلغ متوسط الناتج المحلى الاجمالى 9.2% سنوياً في الفترة من 1975-1985 وقد ترجع أيضاً إلى زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي بدلاً من البترول فى هذه الفترة([42]). وتشير الإحصائيات الحديثة إلى انخفاض إنتاج مصر من البترول الخام ومشتقاته ، كما يوضح الجدول رقم (
.
جدول (
تطور هيكل إنتاج البترول والمشتقات والغاز الطبيعي في مصر خلال الفترة من 199/2000-2005/2006 (مليون طن)
(1) يحتل الإنتاج من الزيت الخام والمشتقات وغاز البترول المسال (البوتوجاز) ويشمل حصة الشريك فى (12%) .(2) تشتمل حصة الشريك الأجنبي (14%). (3) معدل النمو السنوي عام 2005/2006 مقارنة بعام 2004/2005
المصدر : وزارة البترول ، تقارير نتائج الأعمال خلال الأعوام 1999/2000 – 2005/2006.
يبين من الجدول تراجع فى إنتاج البترول الخام والمشتقات مقارنة بتزايد إنتاج اجمالى الغاز الطبيعي في مصر، ففي مجال إنتاج البترول الخام والمشتقات انخفض الإنتاج إلى 32.484 مليون طن عام 2005/2006 مقارنة بحجم إنتاج 39.5 مليون طن عام 99/2000 ومتوسط نسبة معدل الانخفاض 2.1% فى سنوات الجدول، ويمثل الإنتاج عام 2005/2006 من البترول الخام والمشتقات بالإضافة للإنتاج من البوتوجاز بنسبة 82.2% من كمية الإنتاج المماثل عام 99/2000 .وفى المقابل يتبين من الجدول تزايد إنتاج الغاز الطبيعي في مصر من 15.6 مليون طن عام 99/2000 إلى 38.374 مليون طن عام 2005/2006 بمعدل نمو 50.1% حيث تزايد الإنتاج عن الضعف خلال سنوات الجدول .ويرجع انخفاض إنتاج مصر من البترول الخام إلى الآتي :
1- تزايد نسبة الاستخراج من الحقول البترولية لسد حاجة الاستهلاك المحلى والتصدير بهدف زيادة مصادر النفط الأخرى للوفاء بخطط التنمية الاقتصادية الاجتماعية؛ مما أدى إلى انخفاض حجم الاحتياطيات المؤكدة من الحقول القديمة .
2- وجود حقول مكتشفة حديثاً لم يتم تنميتها بعد حتى يتسنى الإنتاج البترولي منها على أسس اقتصادية والتي تتطلب عامين لإجراء البحوث والتطوير.
3- تدهور أسعار البترول الخام فى الأسواق العالمية خلال الفترة من 91-1999 مما أدى إلى تراجع أنشطة الحفر الاستكشافي والتطويري من جانب الشركات البترولية العالمية.
4- ساهم انخفاض أسعار البترول خلال التسعينات من القرن العشرين إلى عدم استخدام التقنيات الحديثة فى زيادة الطاقة الإنتاجية للحقول وبخاصة القديمة منها والتي تعانى معظمها من تناقص طبيعي في معدلات الإنتاج .
5- اكتشاف الغاز الطبيعي بكميات كبيرة فى مصر مما أسهم فى زيادة إنتاجه واستهلاكاً بديلاً عن استخدام البترول والمنتجات البترولية، حيث يتميز الغاز الطبيعي بكونه طاقة نظيفة وسهولة التحكم والمرونة فى استخدامه مع انخفاض سعره مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى من حيث القيمة والحرارة ، ويرجع تزايد احتياطات الغاز الطبيعي إلى :
أ- زيادة الاستثمارات الأجنبية وحدوث اكتشافات كبيرة من الغاز الطبيعي .
ب- بدء إنتاج الغاز الطبيعي من حقول المياه العميقة بالبحر المتوسط بهدف التصدير عام 2005.
ج- بدء الإنتاج من اكبر الحقول البرية بالصحراء الغربية عام 2006 بعد تنمية وإنشاء تسهيلات الإنتاج بالإضافة إلى استعادة جزء من إنتاج حقل التمساح عام 2005/2006.
د- زيادة كميات تصدير الغاز الطبيعي عبر خط الغاز العربي، وزيادة كمية تصدير الغاز المسال بواسطة الناقلات إلى أسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية([43]). وتشير البيانات الحديثة إلى تطور استهلاك المنتجات البترولية والغاز الطبيعي في مصر خلال المدة من 99/2000-2005/2006 كما يوضح الجدول( 9).
جدول رقم (9)
تطوير هيكل استهلاك المنتجات البترولية والغاز الطبيعي في مصر
خلال الفترة من (99/2000-2005/2006) (ألف طن)
( ) قيم سالبة. (1) الاستهلاك يشمل تموين السفن والطائرات المصرية. (2) معدل النمو السنوى عام 2005/2006 مقارنة بعام 2004/2005
المصدر : وزارة البترول ، تقارير نتائج الأعمال خلال الأعوام 99/2000-2005/2006 .
يتبين الجدول تزايد استهلاك غاز البترول المسال (البوتوجاز) خلال سنوات الجدول بمعدل نمو مستوى متوسطة 8.7%، وزيادة استهلاك البنزين بمعدل نمو 8.8%، إلا أنه يلاحظ انخفاض استهلاك الكيروسين بنسبة من 19.5% ، بينما تزايد استهلاك السولار بمعدل نحو 2.8%.
ويشير الجدول أيضاً إلى الزيادة الكبيرة فى استهلاك الغاز الطبيعي بمعدل نمو 8.7% ويرجع ذلك إلى زيادة الاكتشافات والاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي فى مصر، وزيادة الإنتاج وإحلاله محل المنتجات البترولية فى محطات توليد الكهرباء وفى القطاع المنزلي والتجاري، بالإضافة إلى قطاع الصناعة واستخدامه فى السيارات .
وترجع زيادة استهلاك المنتجات البترولية الخفيفة والبوتوجاز والبنزين والنافتا إلى الزيادة السكانية المطردة، وانخفاض اسعار الغاز الطبيعي وتغير هيكل الصناعة والزراعة ومعدلات نمو الدخل، بالإضافة إلى خلق مجتمعات عمرانية جديدة خلال السنوات 99/2006، ويفسر ذلك أيضاً تراجع الأهمية النسبية لاستهلاك الكيروسين، لقلة استخدامه حالياً فى القطاع المنزلي والتجاري، وتراجع الأهمية النسبية لاستهلاك السولار والمازوت فى محطات توليد الكهرباء وقطاع النقل خصوصاً.
ونتيجة لتصدير الغاز الطبيعي من عام 2004/2005 بمعدلات متزايدة ولفترة تمتد لأكثر من عشرين عاماً وفقاً للاتفاقيات المبرمة فإنه من المتوقع زيادة استهلاك البوتوجاز والبنزين والنافتا والسولار والديزل بمعدلات مطردة لتلبية احتياجات السوق المحلى فى المستقبل([44]) . ويطرح هذا الأمر التساؤل عن أهمية الغاز الطبيعي المصري في الاستخدام المحلى أم للتصدير أو من ناحية أخرى أليس من الأجدى استخدام الغاز الطبيعي في الصناعة والاستهلاك المحلى بدلاً من التصدير ؟ نحاول أن نجاوب على ذلك فى الجزء الثاني من الدراسة.
وتشير دراسة إلى نجاح قطاع البترول في إضافة 530 مليون برميل إلى مخزونه من الزيت الخام ليصل إجمالي الاحتياطي إلى 4 مليار برميل من الزيت الخام خلال عام 2006/2007، وزيادة احتياطي الغاز الطبيعي إلى 73.3 تليريون متر معكب حيث أضاف 6.2 تليريون متر معكب خلال نفس العام، ونجح في تحقيق أعلى معدل من الإنتاج من الزيت الخام والغاز الطبيعي التي تقدر 73.3 مليون طن خلال عام 2007، مع إضافة 100.000 برميل كل يوم من حقول جديدة([45]). ولكن هذا المقدار من الاحتياطي لا يكفي لسد احتياجات مصر المستقبلية لمحدودية الاكتشافات الجديدة وزيادة الاستهلاك ، بالإضافة إلى أن الاحتياطي من النفط والغاز الطبيعي تحصل الشركات الأجنبية على نصيب كبير منه نتيجة الاكتشاف والتطوير.
ورغم تمتع مصر بإنتاج البترول ومشتقاته والغاز الطبيعي إلا أن حجم الاستهلاك فى مصر كبير ومن ثم زيادة استهلاك البترول والغاز الطبيعي ينذر باستنزاف الطاقة الاحفورية فى مصر ، حيث يعلق د. حمدى البنبى وزير البترول السابق بأن مصر دولة بترولية إنتاجاً وليست دولة بترولية تصديراً فحجم إنتاج مصر كبير وهو أكبر من إنتاج دول كثيرة ولكن معظمه يستهلك محلياً([46]).بما يشير إلى أن مصر دولة مستهلكة للطاقة فما هو موقف مصر في حالة نضوب الطاقة الأولية؟.
خامساً : آلية السعر مورداً فى استنزاف البترول من الدول النامية :
ظل بترول الدول المصدرة من الشرق الأوسط فى الفترة قبل عام 1950 يتحدد بعائد مقطوع يدفع كإتاوة يتراوح بين 10 -30 سنتاً لكل برميل، ولكن بعض ضغوط من جانب تلك الدول على الشركات الدولية قبلت هذه الشركات مبدأ مناصفة الأرباح وأصبح سعر البترول الخام يتخذ أساساً لحساب تلك الأرباح منذ عام 1950، وكان الهدف من تخفيض سعر النفط خدمة لاقتصاديات الدول الصناعية الغربية المستوردة للبترول ومساندة لها فى إعادة التعمير بعد الحرب العالمية الثانية، وعلى أثر هذه السياسة انخفض سعر برميل النفط العربي الحقيقي من 2.28 دولار للبرميل عام 1947 إلى 1.80 دولار عام 1960 وظل ثابتاً على هذا السعر حتى مطلع السبعينيات([47]) .
برهن هذا السعر إلى تدنى ثمن النفط مما يؤدى إلى زيادة الاستيراد واستنزاف البترول لأن مقابل ذلك النفط أسعار منخفضة بما يعنى أن الدول الصناعية الغربية أعادت بناء نفسها بعد الحرب العالمية الثانية على حساب النفط العربي.
وقد عاود انخفاض سعر النفط العربي بعد عام 1986 إلى مشارف بداية القرن الواحد والعشرين، وارتفعت اسعار البترول لأرقام قياسية خلال السنوات الأخيرة ومستمرة إلى وقتنا الحاضر في عام 2008، ولكننا نلاحظ منذ فترة وجيزة إنخاض قيمة الدولار الأمريكي بنسبة 30% من قيمتة الحقيقية ويعني ذلك انخفاض سعر برميل النفط بذات النسبة رغم ارتفاع سعر ووصله إلى أكثر من مائة دولار، ومازال الانخفاض في الدولار الأمريكي مستمر، فهل هذا الانخفاض نتيجة لازمة حقيقة في الاقتصاد الأمريكي ؟ أو الانخفاض مفتعل من جانب صناع القرار الاقتصادي والسياسي في الولايات المتحدة لمواجهة ارتفاع اسعار النفط في السوق العالمي وذلك بالحصول علية بقيمة منخفضة ؟. وهل الولايات المتحدة لديها الأدوات لرفع قيمة الدولار أو انخفاض قيمته تحقيقا لمصالحها الاقتصادية في نهاية الأمر؟. وما سبب إصرار الدول المصدرة للبترول في الوطن العربي على استمرار ربط سعر النفط بالدولار؟ أليس من الأجدي لمصالحها ربطه بسلة من العملات العالمية؟. وذلك لمواجهه انخفاض سعر اى عملة أو التلاعب لخفض السعر للحصول على بترول أقل من قيمته كما حدث من قبل عام 1960؟.