منتديات محبى سيناء
الصحراء هي من ذهب اليها ذلك الطفل اليتيم الذي اعطى للحياة معنى وقيمة
الصحراء من حضنت نبي الامة محمد عندما كان في احضان السيددة حليمة السعدية فهنيئا لك ايتها.الصحراء يكفيك فخرا ان رمالك كانت تطبع اثار اقدام خير خلق الله ...... استنشق هواءها النقي .. وهناك راى الكل كيف يشع النور من الوجه البرئ .. وجه اجمل طفل منذ ان خلق الله البرية
الصحراء حب يسكن عروق اهلها ....... وماذا يعرف البعيد عنها من اسرار هذا الحب
يشرفنا ترحيبك ويسرنا انضمامك لنا,,,,,,,
فضلا وليس أمراً اضغط دخول إذا كنت مسجل أو اضغط تسجيل إذا كنت غير مسجل ,,اما اذا كنت تريد التصفح فاضغط إخفاء ......

منتديات محبى سيناء
الصحراء هي من ذهب اليها ذلك الطفل اليتيم الذي اعطى للحياة معنى وقيمة
الصحراء من حضنت نبي الامة محمد عندما كان في احضان السيددة حليمة السعدية فهنيئا لك ايتها.الصحراء يكفيك فخرا ان رمالك كانت تطبع اثار اقدام خير خلق الله ...... استنشق هواءها النقي .. وهناك راى الكل كيف يشع النور من الوجه البرئ .. وجه اجمل طفل منذ ان خلق الله البرية
الصحراء حب يسكن عروق اهلها ....... وماذا يعرف البعيد عنها من اسرار هذا الحب
يشرفنا ترحيبك ويسرنا انضمامك لنا,,,,,,,
فضلا وليس أمراً اضغط دخول إذا كنت مسجل أو اضغط تسجيل إذا كنت غير مسجل ,,اما اذا كنت تريد التصفح فاضغط إخفاء ......

منتديات محبى سيناء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات محبى سيناء


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
حتى نتسم عبير الحريه***حتى لا يصبح الوطن فى مهب الريح***حتى لا ندع قراراتنا فى يد من باعو الوطن وسرقوا مقدراته حتى لا تكون سلبيا شارك فى الانتخابات وأدلى بصوتك لمن يستحق
إداره منتديات محبى سيناء ترحب بكل زوارها الكرام وتتمنى ان ينال الموقع اعجابهم وكل عام وانتم بخير............
تشكر إداره المنتدى الأخ الغالى محمد جعفر على مجهوداته المتواصله فى سبيل الرقى بمنتدانا
يسر إداره منتديات محبى سيناء اعلان العضوه غزل نائب مدير الموقع ولها كافه الصلاحيات مع تمنياتناً بالمزيد من التقدم والتواصل البناء الهادف..........

 

 وتبسمك في وجه أخيك صدقة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
LOVERS SINAI
المدير العام
المدير العام
LOVERS SINAI


عدد المساهمات : 2417
نقاط : 179587
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
الموقع : أم الدنيا

وتبسمك في وجه أخيك صدقة Empty
مُساهمةموضوع: وتبسمك في وجه أخيك صدقة   وتبسمك في وجه أخيك صدقة I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 06, 2010 3:49 pm

" عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس". قيل: يا رسول الله من أين لنا صدقة نتصدق بها؟ فقال: "إن أبواب الخير لكثيرة: التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتميط الأذى عن الطريق وتسمع الأصم وتهدي الأعمى وتدل المستدل عن حاجته. وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف. فهذا كله صدقة منك على نفسك". رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي مختصراً. وزاد في رواية: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم من طريق الناس صدقة، وهديك الرجل في أرض الضالة لك صدقة " [71].

* * *

هذا الحديث العجيب لا يملك الإنسان أن يمر به دون أن يقف عنده لحظات يتدبر بعض معانيه.

وإن له لإيحاءات شتى، يدق بعضها ويلطف، حتى يصل إلى أعماق النفس، إلى قرار الوجدان، فيهزها هزاً، ويوقع على أوتار القلب لحناً صافياً مشرقاً جميلاً يأخذ بالألباب.

وسنختار هنا من المعاني الكثيرة التي يوحي بها الحديث معنيين رئيسيين: أولهما تفجير منابع الخير في النفس البشرية، وثانيهما: ربط المجتمع برباط الحب والمودة والإخاء. وقد نلم ببعض المعاني الأخرى في أثناء الحديث.

* * *

الصدقة في مفهومها التقليدي نقود وأشياء محسوسة يساعد بها الغني الفقير، ويمنحها القوي للضعيف. وهي بهذا المعنى ضيقة المفهوم جداً، وأثرها في حياة المجتمع محدود. ولو أنها ظلت قروناً طويلة مظهراً من مظاهر التكافل الاجتماعي، ورباطاً من روابط المجتمع، وأداة لتطهير الأغنياء من الشح، وإعانة الفقراء على الحياة..

وبصرف النظر عن هدف الإسلام الأصيل في أن يكتفي الناس بعملهم الخاص فلا يحتاجون للصدقات - ذلك الهدف الذي تحقق في عهد عمر بن عبد العزيز إذ يقول يحيى بن سعيد: " بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية، فاقتضيتها، وطلبت فقراء نعطيها لهم، فلم نجد بها فقيراً، ولم نجد من يأخذها منا، فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس.. "

بصرف النظر عن هذا الهدف النهائي، فقد كانت الصدقات وسيلة احتياطية في المجتمع، طالما أن الفقر موجود، وإلى أن تتمكن الدولة - كما تمكنت في عهد عمر بن عبد العزيز - من إغناء الناس عن غير هذا الطريق.

ولكن الحديث النبوي يخرج بالصدقة من معناها التقليدي الضيق. من معناها الحسي، إلى معناها النفسي. وهنا تنفتح على عالم رحيب ليست له حدود.

كل خير صدقة.. وعلى كل امرئ صدقة..

هكذا في شمول واسع لا يترك شيئاً ولا يضيق عن شيء!

كل خير صدقة. أو ليس ذلك حقاً؟!

ومن أين تنبع الصدقة التقليدية بمعناها الحسي الضيق الحدود؟

أو ليست تنبع من معين الخير في النفس البشرية؟ بلى! إن هذا هو معينها الوحيد. وإلا فهي رياء كاذب، وهي دنس لا يصدر عن نفس نظيفة. وليس ذلك بطبيعة الحال هو المقصود.

فإذا كانت الصدقة تنبع من معين الخير، فإن حديث الرسول الكريم لا يزيد على أن يرجع مباشرة إلى هذا المعين، يستجيشه ويستدره، ليتفتح ويفيض، ويتدفق في كل اتجاه.

الخير هو معين الصدقة. فليكن كل خير صدقة! كل ما ينبجس من هذا المعين. كل ما يخرج من هذا النبع الطاهر النظيف، هادفاً إلى الخير محققاً له في واقع الحياة.

والصدقة ما هي؟ أليست " إعطاء "؟

بلى، إنها كذلك فليكن إذن كل إعطاء صدقة! حتى تبسمك في وجه أخيك.. صدقة!

إنه ذات المنبع ؛ وهي عملية نفسية واحدة في جميع الأحوال!

إن " الحركة " النفسية التي تحدث في داخل النفس وأنت تهم بإعطاء القرش للرجل المحتاج، أو تعين عاجزاً على اجتياز الطريق، أو تساعد إنساناً على رفع حمل.. إنها هي ذاتها التي تحدث في نفسك وأنت ترفع حجراً من الطريق حتى لا يعثر فيه الناس، وهي ذاتها التي تدفع الابتسامة إلى وجهك حين ترى وجه أخيك..

إنك لو جسّمت مشاعر النفوس، فتخيلتها جسوماً متحركة.. لرأيت صورة واحدة في كل مرة: صورة " النفس " وهي تحرك يدها من الداخل حركة الإعطاء!

خذ! خذ هذا القرش. أو خذ هذه المعونة.. أو خذ هذا الشعور!

منبع واحد. وحركة واحدة في جميع الأحوال.

ودافع واحد..

فالذي يدفعك إلى إعطاء الصدقة للمحتاج هو شعور " إنساني ". وقد يكون من الصعب أن تحدد معنى لهذا اللفظ الدقيق. فهو في بساطته وشموله معجز كالإنسانية!

قد يكون شعورك واضحاً: هذا أخوك في الإنسانية. تحس بينك وبينه هذه الآصرة التي تربط أفراد الجنس الواحد، وتقرب بينهم، وتدعوهم إلى التعاون الوثيق.

وقد يكون شعورك مبهماً. وجدان غامض. خيوط خفية تنبع من قلبك حتى تصل إلى قلبه، فتربط بينهما برباط دقيق. أو هزات كالهزات المغناطيسية أو الكهربائية التي تنتشر في الجو، حتى " يلتقطها " المستقبل من بعيد.

هذا الشعور الإنساني - الواضح أو المبهم - الذي يدفعك إلى إعطاء الصدقة للمحتاج، أليس هو ذاته الذي يحنيك على الحجر فتلتقطه بعيداً عن أقدام المارة؟ أو ليس هو كذلك الذي يشيع البسمة في وجهك حين تلقى الناس؟!

هي عملية واحدة في داخل النفس.. ولكننا لا ندركها دائماً على حقيقتها.

والرسول الكريم يلفتنا في حديثه إليها. يلفتنا إلى هذه الحقيقة النفسية الواحدة التي تكمن وراء كل عمل من أعمال الخير. لنعرف أنه الخير في منبعه وإن تعددت صوره وزواياه.

ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم لا يريدنا أن " نعرف " فحسب!

فالمعرفة التي لا تنتهي إلى شيء ليست هدفاً من أهداف الإسلام ولا من أهداف الحياة العملية!

كل شيء ينبغي أن تكون له غاية. وغاية الغايات في الأرض أن يكون الخير هو المسيطر على حياة البشرية. فالخير هو كلمة الله. وكلمة الله هي العليا.

ومن هنا تلتقي الأرض والسماء، والدنيا والآخرة في رصيد الإسلام.

والرسول الكريم يريد أن " يعودنا " على الخير، لا أن " يعرفنا " إياه فحسب.

" وعلى كل امرئ صدقة.. ".

إنه يريد كلاً منا أن تتحرك نفسه بالخير. يريد أن يستثير تلك الحركة الداخلية التي تمد يدها بالعطاء. والحياة عادة. والعادة تعدى من نفس إلى نفس. بل تعدى من شعور إلى شعور في باطن النفس!

حين تتعود النفس أن تستيقظ، أن تنهض من سباتها وتتحرك، وتمد يدها من الداخل بعمل أو شعور. حين يحدث هذا مرة، فسوف يحدث مرة بعد مرة. وستتعدد صور الإعطاء حتى تشمل من النفس أوسع نطاق.. حتى تشمل في الواقع كل تصرف وكل شعور.

وتبدو حكمة الرسول في توسيع مدى الخير، وتعديد صوره وأشكاله، وتبسيطها كذلك حتى تصبح في متناول كل إنسان!

فلو كانت " الصدقة " أو الخير قاصراً على المحسوسات والأموال، فسيعجز عنها كثير من أفراد البشرية، وتبقى ينابيع ثرة في باطن النفوس، لا يستثمرها أحد، ولا يستنبط من معينها الغزير.

ولكن اليد الحكيمة الماهرة تعرف كيف تسيل الخير من هذه النفوس. لمسات رفيقة حانية من هنا ومن هناك تفتح المغلق وتبعث المكنون.

والرسول الكريم يلطف في معاملة البشرية كالأب الحنون يلطف مع أولاده، وهو يخطو معهم خطوة خطوة في الطريق. إنه ييسر لهم الأمر. ويوحي إليهم أنه في مقدورهم بلا تعب ولا مشقة. وحينئذ يصنعونه ولو كان فيه مشقة!!

تلك أفضل وسائل التربية وأحبها إلى النفوس.

وهي ليست ضحكاً على الناس ولا استدراجاً لهم! حاش لله!

إنها كلها حقيقة. فالخير نبع واحد داخل النفس. وكل صوره صورة واحدة.

ولقد نظن، لأول وهلة، أن بعض هذه " الصدقات " أهون من أن تكون صدقة. وأنها لا يجوز أن تدرج مع غيرها في سلك يشمل الجميع.

وقد يكون أقرب شيء إلى هذا الظن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة. وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة".

ومع ذلك فجربها إذا أردت. أو تتبعها في محيط الناس..

إن تبسمك في وجه أخيك، الذي يبدو لك هيناً حتى ما يصح أن يوضع في الصدقات.. لهو أشق شيء على النفس التي لم تتعود الخير ولم تتجه إليه!

هناك أناس لا يتبسمون أبداً، ولا تنفرج أساريرهم وهم يلقون غيرهم من الناس!

إنهم شريرون أو في نفوسهم مرض. وينابيع الخير مغلقة في نفوسهم وعليها الأقفال.

وهناك ناس يبخلون عليك بقطرة من ماء! الماء الحقيقي لا على سبيل المجاز!

إن المسألة ليست البسمة ولا نقطة الماء. إنها الإعطاء. إنها الحركة التي تتم في داخل النفس. إنها فتح القفل المغلق. أو تحرك اليد النفسية وانبساطها إلى الأمام..

عملية واحدة في جميع الحالات.. إما أن توجد، فتقدر النفس على الخير. تقدر على الإعطاء والمودة. وإما ألا توجد، فيستوي الهين والعظيم، وتغلق النفس عن جميع الصدقات.

* * *

والرسول المربي لا يريد أن يعرفنا بمنابع الخير فحسب، ولا أن يعودنا على الخير فحسب. ولكني ألمح من وراء تعديد الصدقات، وتبسيطها حتى تصبح في متناول الجميع، معنى آخر..

الإعطاء حركة إيجابية. ولذلك قيمة كبرى في تربية النفوس.

فالنفس التي تتعود الشعور بالإيجابية نفس حية متحركة فاعلة. بعكس النفس التي تتعود السلبية فهي نفس منكمشة منحسرة ضئيلة.

والرسول صلى الله عليه وسلم يريد للمسلم أن يكون قوة إيجابية فاعلة، ويكره له أن يكون قوة سلبية حسيرة.

والشعور والسلوك صنوان في عالم النفس، كلاهما يكمل الآخر ويزيد في قوته.

ومن هنا حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يصف حتى الأعمال الصغيرة والهينة بأنها صدقة. بأنها إعطاء.

مرة أخرى كالأب مع أبنائه..

فأنت حين توحي لطفلك أن الدور الذي قام به في العمل دور هام ومثمر، وقد أدى إلى نتيجة، فإنك تشجعه على مزيد من العمل ومزيد من الإنتاج. أما إذا رحت تصغر من شأنه، وتشعره أن أعماله تافهة بالقياس إلى المطلوب منه، فإنك تشجعه على الانحسار داخل نفسه، والانصراف عن كل عمل يحتاج إلى مجهود.

والرسول يشجع الناس على الإحساس بإيجابيتهم، حتى في الأعمال التي قد تبدو صغيرة في ظاهرها، ليحسوا أن كيانهم يتحقق في عالم الواقع، في عالم السلوك. فيزيدهم ذلك إقبالاً على العمل في ميدان الخير، ويشجعهم على الصعود باستمرار.

وفي تسمية هذه الأعمال " بالصدقات " أمر آخر من وراء التعبير.

فالصدقات بمعناها الحسي الضيق، تقسم الناس آخذين في جانب ومعطين في جانب. وقد توحي إلى الآخذين الشعور بالضآلة والضعف، وتغري المعطين بالخيلاء والغرور.

وذلك تقسيم للمجتمع سيئ غاية السوء.

ولكن توسيع نطاق الصدقات حتى تشمل كل شيء وكل عمل متجه إلى الخير، يلغي التقسيم الأول، ويتيح لكل إنسان - بصرف النظر عن فقره وغناه - أن يكون معطياً واهباً للآخرين. ومن ثم يجعل الناس كلهم - بحركة واحدة - آخذين ومعطين على قدم المساواة، وشركاء في ميدان واسع فسيح!

وذلك ولا شك منهج بارع في تربية النفوس، فوق أنه يقرر مفهوماً آخر من مفاهيم الإسلام الأصيلة: أن القيم التي تحكم الحياة ليست هي القيم المادية وحدها. أو الاقتصادية وحدها. وإنما القيم الشعورية والوجدانية كذلك. بل هذه الأخيرة هي الأصل الذي تقوم عليه علاقات البشرية!

* * *

وقد افتتن الناس دائماً بالقيم المادية وحسبوها قوام الحياة. القدماء في ذلك والمحدثون سواء. وحين تنطمس بصائر الناس عن منابع الخير الحقيقية، وتنحسر نفوسهم عن حقيقة الكون الواسعة، فإنهم لا يرون إلا القيم المادية، ولا يدركون إلا ما تدركه الحواس. ولكن الإسلام حرص على توسيع الحياة وتجليتها في صورتها الحقيقية. لم يهمل عالم المادة، ولم يهمل ضرورات الحياة. بل أعطاهما عنايته الكاملة كما يتضح في التفصيلات الدقيقة التي يشملها الشرع، والإضافات الدائمة التي أضافها الفقه الإسلامي على مدى القرون ولكنه لم يقف عند هذه الأمور وحدها، لأن الحياة في واقعها لا تقف هناك. وإنما تتعداها إلى آفاق أوسع وأرحب، وإلى مستويات أكبر وأعلى.

والإسلام دين الحياة الكامل، ومن ثم يشمل الحياة كلها في جميع الآفاق وجميع المستويات، على نظافة في الأداء ونظافة في السلوك.

إنه كصاحب الأرض الخصبة لا يزرع منها جانباً ويهمل الجانب الآخر، أو يدعه تنبت فيه حشائش السموم. إنه يحس بالقيمة الكبرى لتلك الأرض الثمينة، ويحس بالخسارة التي تنشأ من تعطيلها أو إهمال بعضها، ومن أجل ذلك ينقب في كل مكان في النفس حتى يمكن أن تنبت فيه نبتة الخير، فيزرعها ويجني من زرعها الثمار.

وحين يحرص الإسلام على أن يظل ينبوع الخير في النفس الإنسانية ثرًّا يفيض بالخير ولا ينضب، فإنه يضمن أن تقوم بين البشر روابط أمتن بكثير وأوثق من تلك التي يمكن أن يقيمها الاقتصاد أو تقيمها العلاقات المادية. بل يضمن أن تكون رابطة حية وخيرة، لا يأكلها الحقد، ولا تسري إلى القلوب مع " تنظيماتها " الصلادة والجفاف.

* * *
وأي رابطة يمكن أن تربط القلوب أقوى من المودة والحب؟

(.... وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) [72].

إنها هبة الله..

والنعم المادية أو الاقتصادية كذلك هبة الله.

ولكن الآية تضع كلاً في مكانه في ميزان القلوب وميزان الحياة!

لا يكفي المال وحده لتأليف القلوب. ولا تكفي التنظيمات الاقتصادية والأوضاع المادية.

لا بد أن يشملها ويغلفها ذلك الروح الشفيف المستمد من روح الله. ألا وهو الحب.

الحب الذي يطلق البسمة من القلب فينشرح لها الصدر وتنفرج القسمات.. فيلقى الإنسان أخاه بوجه طليق.

ذلك الحب هو الذي يصنع المعجزات. هو الذي يؤلف القلوب. هو الذي يقيم البناء الذي لا يهدمه شيء ولا يصل إليه شيء.

" جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي يوماً يطلب منه شيئاً فأعطاه، ثم قال له: أحسنت إليك؟ قال: لا ولا أجملت! فغضب المسلمون وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفوا. ثم دخل منزله فأرسل إلى الأعرابي وزاده شيئاً. ثم قال. أحسنت إليك؟ قال نعم. فجزاك الله من أهل ومن عشيرة خيراً. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي شيء من ذلك، فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي، حتى يذهب من صدورهم ما فيها عليك". قال: نعم، فلما كان الغداة جاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الأعرابي قال ما قال، فزدناه، فزعم أنه رضي. أكذلك؟ فقال الأعرابي: نعم. فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً. فقال صلى الله عليه وسلم: "إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل له ناقة وشردت عليه، فتبعها الناس، فلم يزيدوها إلا نفوراً، فناداهم صاحب الناقة: خلوا بيني وبين ناقتي، فإني أرفق بها وأعلم. فتوجه لها صاحب الناقة بين يديها، فأخذ لها من قمام الأرض، فردها هوناً هوناً، حتى جاءت واستناخت، وشد عليها رحلها، واستوى عليها. وإني تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار"!

هذا الدرس العجيب من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم من سلوكه العملي - يشرح لنا القيم التي أودعها أحاديثه المروية في هذا الاتجاه.

قد يكون المال الزائد هو الذي أرضى الأعرابي - في ظاهر الأمر - بعد ما كان ساخطاً على العطاء القليل.

ولنفرض جدلاً أنه كذلك.

ولكن فلننظر إلى الأمر من جانب النبي صلى الله عليه وسلم من جانب المعطي - أكان يزيد في عطاء الرجل لو لم يكن هذا المعين الفياض بالرحمة والمودة والحب؟

ولننظر إلى الأمر خاصة بعد أن قال الأعرابي قولته المنكرة الجاحدة.. أوَ قد كان غير هذا القلب الكبير وهذا الروح الشفيف يمكن أن يقبل القولة الجارحة ويرد عليها بعطاء جديد؟

إن الصدقة " المادية " الزائدة ليست هي حقيقة الموقف! إنها مجرد التعبير المادي المجسم للشعور السامق النبيل. إنها ترجمة للأصل وليست هي الأصل! إنها الصدى والقلب هو الحقيقة!

هذا القلب هو الذي يربيه الرسول الكريم هذه التربية المبدعة ليقيم عليه رباط البشرية.

وما نريد أن ندخل حقائق " العلم " في أمر روابط البشرية! ولكنا - برغمنا! لا نجد محيصاً من الإشارة إلى هذه الحقائق التي غيرت كل المفاهيم " المادية " التي سادت تفكير البشر في القرون الأخيرة. فقد أثبت العلم أنه ليست هناك " مادة "! إنما الحياة كلها " قوى " و " روابط "!

الذرة التي كان يظن من قبل أنها مادة راسية مستقرة ملموسة ظهر أنها كهارب! أنها طاقة كهربائية سالبة وموجبة. وأن الرباط الذي يشد بعضها إلى بعض هو الجاذبية..

وذلك هو كل بناء الكون!

لا جرم يكون كذلك هو بناء البشرية!

ليس " المادة ". وليس " الاقتصاد "! ليس شيئاً مما تقف عنده الحواس وتظنه الحقيقة! وإنما هو شيء أعمق وألطف وأدق..

الحب رباط البشرية. والقلوب هي طاقتها.

وكما تصطدم الطاقات في الذرة فتضطرب وتتناثر حين تفقد رباطها القوي يشدها بعضها إلى بعض، حين تفقد رباط الجاذبية، كذلك تصطدم القلوب في الحياة البشرية فتتنافر وتتناثر حين تفقد رباطها القوي الذي يشدها بعضها إلى بعض.. حين تفقد المحبة.

والإسلام دين الله.

الله الذي خلق الخلق وهو أعلم بمن خلق.

وهو دين الفطرة. الدين الذي يساير الفطرة أجمل مسايرة، ويصل من ذلك إلى أجمل النتائج.

والإسلام هو الذي يجعل رباط المحبة هو الرباط الأول والأوثق في حياة البشرية، ويقيم الوشائج كلها - من مادية واقتصادية واجتماعية وفكرية وروحية - على هذا الأساس المتين.

(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ). (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) [73].

ورسول الإسلام - وهو الآية البشرية الكونية الكبرى - يدرك بفطرته الملتقية مع فطرة الكون الأعظم، وبما أدبه ربه فأحسن تأديبه، أن الرحمة والمودة والإخاء هي وحدها التي يمكن أن يقوم عليها البناء الحي القوي المتماسك، فيدعو إلى الحب: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " [74] ويجلو القلوب لتفيض بالحب، ويعلمها الوسيلة لكي تحِبَّ وتحَب: أن تلقى أخاك بوجه طليق!

وإن هذه الابتسامة على الوجه الطلق لتعمل عمل السحر!

جربها!

جرب أن تلقى الناس بوجه طلق وعلى فمك ابتسامة مشرقة. ولن تندم على التجربة قط!

إنها لتستطيع - وحدها - أن تفتح مغالق النفوس وتنفذ إلى الأعماق. تنفذ إلى القلب! إلى الطاقة المكنونة في الكيان البشري، فتربط بينها وبينك برباط الجاذبية!

حينئذ تصير قطعة من الكون الأعظم، دائرة معه في فلكه الفسيح، لأنك تلتقي بفطرتك الصحيحة مع فطرته الحقة، فتلتقيان في الناموس الكبير!

وحينئذ ترى الله!

فهذا هو الطريق!

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

[71] الترغيب والترهيب ج 4 ص 396 رقم 7.

[72] سورة الأنفال [ 63 ].

[73] سورة آل عمران [ 103 ].

[74] رواه البخاري ومسلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saadhamdy.yoo7.com
 
وتبسمك في وجه أخيك صدقة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات محبى سيناء :: سلسله الحملات الذهبيه :: حمله أعرف نبيك-
انتقل الى: