بيان وفد مصر أمام الجنة الأولى الدورة62 للجمعية العامة للأمم المتحدة

السيد الرئيس ،،

يسر وفد بلادى أن يتقدم لكم بالتهنئة على رئاستكم للجنة الأولى هذه الدورة والتى نتطلع الى أن تقودها حكمتكم وخبرتكم لتحقيق أهدافها المنشودة ،وأن يؤكد لكم فى هذا الصدد حرصه على التعاون معكم ومع هيئة المكتب ومع كافة الوفود المشاركة لتحقيق النجاح المرجو هذا العام.

السيد الرئيس،،
مازال المجتمع الدولى يشهد مرحلة تاريخية صعبة فى مجال نزع السلاح ومنع الإنتشار، محلة تشوبها التحديات المتزايدة التى صارت تواجة الأمن الدولى والإستقرار الإقليمى بل وتهدد مصداقية المعاهدات والإتفاقات الدولية التى توصل اليها المجتمع الدولى سابقاً على أمل أن يؤدى تنفيذ الدول لإلتزاماتها فيها الى تحقيق نزع السلاحالكامل والشامل، بإعتباره أحد أسمى أهداف الأمم المتحدة.

فقد شهد العام الماضى بصفة خاصة تراجعا فيما يتعلق بهدفى نزع السلاح ومنع الإنتشار النووى . فبالنسبة لنزع السلاح، إستمرت الدول النووية فى التنصل من إتخاذ خطوات إيجابية ملموسة فى هذا المجال بإستثناء دولة واحدة، وإستمرت دولة نووية واحدة على الأقل فى تطوير فئات جديدة من الأسلحة النووية بينما زادت أخرى من أعداد الأسلحة النووية المتوفرة لديها.

وبالنسبة لمنع الإنتشار، فقد شهدنا جهوداً تهدف الى إعطاء أولوية لمنع الإنتشار وتجاهل نزع السلاح النووى، كما شهدنا جهوداً لمن الدول غير النووية من حقها الأصيل فى الإستخدامات السليمة للطاقة النووية،فضلاً عن جهود أخرى أشد ضرراً وأكثر خطراً، ترمى لتفادى الضغط على الدول غير الأعضاء فى معاهدة منع إنتشار الإسلحة النووية لضمان أنضمامها كدول غير حائزة على الأسلحة النووية تحقيقاً لعالمية المعاهدة، بل وسعى البعض- فى مخالفة لإلتزاماته بموجب المعاهدة – لتعزيز التعون معهم فى المجال النووى العسكرى، وهو ما يضرب أهداف المعاهدة وجدواها فى التصميم.

والأمر جد خطير، سيدى الرئيس، أن تجاهر بعض الدول المتقدمة بمحاربة أحد أهم ركائز معاهدة منع الإنتشار، ألا وهو الحق الأصيل للدول غير النووية الأعضاء فيها فى الإستفادة غير المشروطة من التقنية النووية للأغراض السلمية. كيف ذلك والحق الأصيل للإستخدام السلمى النووى، هو المقابل الذى قبلتة الدول غير النووية لتخليها عن الخيار النووى العسكرى فى إطار معاهدة متوازنة، لم تعترف بأى صورة من الصور فى نصوصها بإستمرار حيازة الدول النووية لتلك الأسلحة للأبد، ولم تفتح الباب للدول الغير أطراف فيها لحيازة المزيد والمزيد منها بدعو من الدول الأطراف فى المعاهدة.

وفى ضوء ماسبق، سيدى الرئيس، تنظر مصر بقلق للمناخ الدولى السائد حالياً فى مجال نزع السلاح ومنع الإنتشار على الصعيدين الدولى والإقليمى، وبصفة خاصة فيما يتعلق بإحترام المجتمع الدولى لأولوية مرجعياته التقليدية من معاهدات دولية وقرارت للأمم المتحدة ومقرارات المحافل الدولية ذات الصلة. ومن هذا المنطلق، ورغبة فى إصلاح ما أصبح يشوب مجال نزع السلاح من معايير مزدوجة وتسييس، تسعى دول عدم الإنحياز لعقد الدورة الرابعة للجمعية العامة المكرسة لنزع السلاح، حتى يمكن إستعادة الثقة المفقودة فى مصداقية نظام نزع السلاح النووى وبالتبعية فى مصداقية نظام منع الإنتشار.

السيد الرئيس،
برغم مد أجل معاهدة منع الإنتشار لا نهائياً فى عام 1995، ضمن صفقة متكاملة شملت إعتماد قرار الشرق الأوسط الذى يربط موضوعياً بين فعالية المد اللأنهائى من جهة وبين إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط بإنضمام إسرائيل الى معاهدة منع الإنتشار النووى وإخضاع منشأتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أننا لم نرى حتى الأن، وبعد مرور إثنى عشرة عاماً على صدور قرار الشرق الأوسط لعام 1995، تقدماً ملموساً فى تنفيذ هذا القرار.

ومن المؤسف أن يأتى التقاعس عن تنفيذ قرار 1995 حول الشرق الأوسط ضمن سلسلة إنتكاسات متتالية شهدها مجال نزع السلاح، تضمنت على سبيل المثال وليس الحصر، فشل قمة الألفية فى عام 2005 فى التوصل للغة متفق عليها حول نزع السلاح، ثم إخفاق مؤتمر مراجعة معاهدة منع الإنشار النووى فى العام ذاته، ثم إخفاق مؤتمر مراجعة برنامج عمل الأمم المتحدة لمكافحة الإنجاز غير المشروع فى الأسلحة الصغيرة والخفيفة فى التوصل لإتفاق عام 2006، ثم عدم التوصل الى إتفاق لعقد الدورة الخاصة الرابعة للجمعية العامة المكرسة لنزع السلاح حتى الأن، وفشل مؤتمر نزع السلاح بدء مناقشات موضوعية حول قضايا نزع السلاح الرئيسية.

وقد يكون الخطر الأكبر الذى يهدد بالقضاء على جدوى وأهداف معاهدة عنع الإنتشار هو خطر تعديل الخطوط الإسترشادية لمجموعة الموردين النووين لتسمح لدول المجموعة بالتعون مع الدول غير الأطراف فى المعاهدة فى المجال النووى، وهو ما يتعارض تعارضاً قاطعاً مع نص المعاهدة والمقرر الخاص "بمبادئ وأهداف منع الإنتشار ونزع السلاح النووى"، الذى تم تنبية ضمن صفقة المد اللأنهائى للمعاهدة، وخاصة ما تنص علية الفقرة العاملة الثانية عشر والفقرة العاملة الثالثة عشر، وتدعو مصر دول مجموعة الموردين النووين لإحترام إلتزاماتها بموجب المعاهدة والمقرر المشار اليه، وعدم المساهمة فى إنهيار نظام منع الإنتشار النووى بالقضاء على فرص تحقيق عالمية المعاهدة.

السيد الرئيس،
تؤمن مصر إيماناًراسخاً بأهداف ومقاصد نزع السلاح ومنع الإنتشار النووى، وترى أته فى ظل فشل كافة الجهود الرامية لإحراز تقدم فى مجال تنفيذ الدول لإلتزاماتها تجاة المعاهدات والقرارات الدولية، فأن ذلك الفشل، لايجبأن يتيح بأى صورة التراجع عن الرصيد الذى تحقق من إنجازات سابقة، أو أن يقود من خلال إعادة تفسير تلك المعاهدات الى خدمة اجندة سياسية للبعض لايتفق معها المجتمع الدولى.

وفى ظل ذلك، تتقدم مصر سنويا بقرار " إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط " وتتقدم مع الدول الأعضاء فى جامعة الدول العربية بقرار " خطر الإنتشار النووى فى الشرق الأوسط ". وفى الوقت الذىتقدر مصر فية توافق الأراء الذى يحظى به القرار الأول، فأنها تتطلع الى توافق الإرادات لتنفيذه وإنشاء المنطقة فى أقرب فرصة، وستسعى مصر لزيادة قاعدة التأييد لقرار حظر الأنتشار النووى فى الشرق الأوسط الذى يرسخ لأسس موضوعية غير تمييزية تعتبر أساسية إذا ما إعتزم المجتمع الدولى التعامل بجدية وفاعلية مع هذا الخطر، خاصة فى ظل التصريحات المنسوبة للقيادات الإسرائيلية حول التسلح النووى الإسرائيلى، والتى لمتلق الإهتمام الواجب من محافل نزع السلاح النووى أو محافل منع الإنتشار.

السيد الرئيس،
مع انتهاء أعمال الاجتماع الأول للجنة التحضيرية لمؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية لعام 2010 ، ورغبة في تأمين نجاح أعمال اللجنة التحضيرية الثانية المقرر عقدها في جنيف عام 2008 ، يتعين إن تتم الاستفادة من أعمال اللجنة للدفع نحو تنفيذ مقررات وقرار مؤتمر المد اللانهائي للمعاهدة عام 1995 ، والخطوات العملية الثلاثة عشر التي تم تبينها عام 2000 لتكون بمثابة خطة عمل تعزز من مصداقية المعاهدة وعملية المراجعة ذاتها. وفى هذا الإطار ، فقد عمل تحالف الأجندة جديدة ومازال على إبراز أولوية الحفاظ على معاهدة منع الانتشار النووي من خلال دعوة المجتمع الدولي لتنفيذها بأمانة ومسئولية واحترام مقررات مؤتمري المراجعة والمد لعام 1995 ومؤتمر المراجعة لعام 2000 ، وسيتقدم وفد مصر مع شركاءه من التحالف بمشروع قرار جديد في هذا الشأن بعنوان "نحو عالم خال من الأسلحة النووية: التسريع بتنفيذ التزامات نزع السلاح النووي" ، ونتطلع إلى أن يجدد المجتمع الدولي عزمه على الحفاظ على مصداقية المعاهدة من خلال تأييد القرار وتنفيذه مع القرارات التي سبق أن تبنتها الجمعية العامة في الأعوام السابقة.

وفى نفس الوقت ، وفى ضوء الجهود الحثيثة التي شهدها مؤتمر نزع السلاح بجنيف هذا العام ليستأنف التفاوضي ، وبصفة خاصة بالنسبة لبدء التفاوض حول اتفاقية لوقف إنتاج المواد الانشطارية FMCT استنادا لمبادرة الروءساء الستة للمؤتمر في هذا الصدد ن فغن مصر تؤيد هذه الجهود كأساس للمناقشة حول سبل إحراز تقدم في هذا الشأن، وتلتزم بولاية السفير شانون التي أقرتها الوثيقة الختامية لمؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار لعام 2000 ن وهى الولاية التي نرى أن الصلح العام يقتضى التقيد بها والعمل على تنفيذها باعتبارها ولاية توافقية تضمن أن تسهم الاتفاقية المقترحة فعلياً في نزع السلاح النووي.

السيد الرئيس،
تعتبر مصر مكافحة ومنع الاتجار غير المشروع في الأسلحة الصغيرة والخفيفة هدفاً هاماً للمجتمع الدولي لابد وان تتكاتف كافة الدول لتحقيقه ، ولا نرى أساساً أفضل للبناء عليه من برنامج عمل الأمم المتحدة لمكافحة ومنع الاتجار غير المشروع في الأسلحة الصغيرة والخفيفة الذي تم لتوصل إليه عام 2001 كإطار ملزم سياسياً حرصت مصر على تنفيذه بدقة وعلى التقدم المنتظم بتقاريرها الوطنية في إطاره. وفى هذا الإطار ترحب مصر بانتهاء أعمال فريق الخبراء الحكوميين المعنى بالنظر في آليات مكافحة السمسرة غير المشروعة في الأسلحة
الصغيرة والخفيفة في يونيو 2007 ، والتوصل إلى تقرير توافقي للخبراء يدعم استمرار العمل بصورة بناءة مستقبلا على هذا الموضوع الهام ، إلا أننا نتطلع لمزيد من الجهد للتعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة التي تؤثر تأثيرا مباشرا على السلم والأمن الدوليين خاصة في القارة الأفريقية التي تشكل المسرح الرئيسي لاستخدام هذه الأسلحة .

وبالإضافة لذلك ،تتابع مصر باهتمام تطورات عدد من المبادرات التي تم طرحها سواء في إطار اللجنة الأولى أخوارجها ، ومنها الاتفاقية المقترحة لتنظيم الاتجار في الأسلحة التقليدية ، والتي تبنت الجمعية العامة قرارا بشأن دراستها خلال الدورة السابقة ، حيث تتطلع مصر إلى المشاركة في كافة مراحل بحث الحاجة إلى تلك الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات ، مثل تلك الخاصة بتقييد استخدام أو حظر الذخائر العنقودية ، ونرى أن تلك المبادرات وغيرها لن يتحقق لها التأييد الكافي إذا ما لم تحظ خلال كافة مراحلها بالشفافية في الإطار متعددة الأطراف ومن خلال الأمم المتحدة .

السيد الرئيس ،
أهتم السكرتير العام للأمم المتحدة اهتماما خاصة بأهمية التحرك لدفع وتنشيط أجندة نزع السلاح ومنع الانتشار ، وتمت إعادة هيكلة إدارة نزع السلاح بالسكرتارية وتعيين ممثل خاص للسكرتير العام للقيام بهذه المهمة ، وهو ما نرحب بة وندعمه ، إلا أن إعادة هيكلة إدارة نزع السلاح بالسكرتارية ينبغي أن تقود إلى تعزيز قدرة الإدارة على التقدم بمقترحات موضوعية للدول الأعضاء تدفع قدما بتعامل فاعل للمجتمع الدولي في مجال نزع السلاح ، ولاسيما نزع السلاح النووي ، ونتطلع إلى تلقى اقتراحات السكرتير العام الموضوعية حول تفعيل دور الممثل الخاص للسكرتير العام لتحقيق هذا الهدف .

في الختام ، يتطلع وفد مصر إلى أن تسود أعمال اللجنة الأولى برئاستكم روح بناءة جديدة تعكس مسئوليات حكوماتنا تجاه أمن شعوبها واستقرارها وتسهم بصورة حقيقية في دعم دور الأمم المتحدة في إحراز التقدم المنشود في كافة المجالات .

شكرا السيد الرئيس "

» دراسة نقدية في قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 و194 المتعلقين بالقضية الفلسطين
» موجز تقرير الأمين العام للامم المتحدة عن دور الأمم المتحدة في القرن الواحد والعشرين
» قواعد نظر منازعات الحيازة أمام النيابة
» إستثناءات على حق الادعاء المدنى أمام المحاكم المدنية
» لغير القانونين : كيفيه رفع دعوى أمام القضاء المدني