قوة الاتصال

قوة الاتصال



"الإنسان كائن اجتماعي بطبعه".. كثيراً ما قرأنا هذه العبارة في كتبنا المدرسية، أو طالعتنا في مراجع علم الاجتماع، ولعلّنا استطعنا أن ندرك معناها من خلال فهمنا مسيرة حياة الإنسان الذي بدأ محاولات التواصل مع الآخرين منذ الأزل، فاستخدم الدخان لإيصال رسائله إلى الآخرين، وظلت وسائله تتطور حتى وصل اليوم إلى ما وصل إليه من تطور في علاقاته الاجتماعية والإنسانية عامة..

وقد تشعبت أساليب التواصل واتسعت، لتتحول إلى علم وفن، وصار لهذا الفن أسس وقواعد، وقد آثرنا أن نعرض عليك -عزيزي القارئ- شرحاً لهذا الموضوع، نرجو أن يكون مفيداً وممتعاً..

ما هو الاتصال؟
هو عملية فيها مرسل يرسل رسالة معينة، ومستقبل يستقبل هذه الرسالة، ويرد عليها، وقد تكون هذه الرسالة لفظية أو غير لفظية، الغرض منها أن يفهم المرسل إليه منها محتوى معيناً ويرد عليه.
ومن هنا نستطيع أن نستخلص عناصر عملية الاتصال وهي:
(مرسل، مستقبل (مرسل إليه)، رسالة، تغذية عكسية (رد المستقبل)، بيئة الاتصال).
لعملية اتصال ناجحة.. يجب الاهتمام بكل عنصر من عناصر هذه العملية، وهذا هو مجمل دراستنا في الاتصال البشري، فمثلاً:
المرسل
يجب أن يتعلم كيف يصيغ رسالته بأوضح الكلمات بالنسبة إلى المستقبل وبالطريقة التي يستطيع أن يفهمها المستقبل.
لذلك ينبغي للمرسل أن يتعلم كيف يختار كلماته المناسبة للموقف، وكيف تطابق طريقة المستقبل في الاتصال لكي تستطيع أن تقنعه، ليس هذا فقط، ولكن أيضاً كيف يستخدم تحركات جسده وتعبيرات وجهه لتوصل رسالته بكل وضوح.

المستقبل
يجب أن يتعلم كيف يستمع بفاعلية إلى الرسالة الموجهة إليه، ليستطيع أن يصوغ رداً مناسب لها (تغذية عكسية) تمكنه من قياده عملية الاتصال.
لذا نعلمك كمستقبل استراتيجيات الاستماع الفعال، وكيف تقرأ لغة الجسد وتعبيرات وجه المرسل إليك، وكيف تطابق وترد بتغذية عكسية تمكنك من السيطرة على الحوار، أو تمكّنك من الإقناع.
قد تكون كمرسل موظفاً يقنع مديره بتطبيق سياسة جديدة، هنا ستحتاج بشدة إلى ما ذكرناه سابقاً.
قد تكون كمستقبل موظف خدمة عملاء ترد على عميل غاضب، فنجاحك هنا في صياغة رد على رسالته الغاضبة تهدئه وتعيد إليك سيطرتك على الحوار فتتمكن من خلال مجرد رد فعل أن تقود عملية الاتصال، وأيضاً فإن بيئة الاتصال ووقته لهما شأن كبير في نجاح أو فشل عملية الاتصال، وأضيف هنا وقت الاتصال أيضاً، فإن اختيارك الوقت المناسب لإجراء عملية الاتصال له أثر كبير في نجاحك فيها.. تخيل مثلاً أنك تريد أن تطلب من مديرك إجازة وذهبت إليه.. وهو مشغول بصفقة جديدة، أو هو في اضطراب نفسي لعدم وصول شحنة من بضائعكم.. بالتأكيد عرفت كيف سيرد عليك الآن!
يقسم الاتصال بين الناس إلى نوعين:
اتصال لفظي (كلام، رسالة...)
اتصال غير لفظي (من خلال تحركات الجسم وتعبيرات الوجه)
في دراسة أجريت حول الاتصال، وأن نجاح عملية الاتصال تعتمد بنسبة 55% على تحركات الجسم وتعبيرات الوجه، و38% على نبرة الصوت، و7% على الكلمات.
لا تعجب.. وسأثبت لك صحة هذا الكلام. هل استطعت في إحدى المرات أن ترسل رسالة إلى شخص ما باستخدام حركات وجهك فقط.. واستطاع هو أن يفهم رسالتك بوضوح ويرد عليها؟
أعتقد أننا جميعاً مررنا بهذا الموقف، وعندما نحصل على الرد الصحيح من المستقبل لرسالتنا فمعنى هذا أن عملية الاتصال قد نجحت.
أسألك سؤالاً آخر: هل حضرت في إحدى المرات محاضرة وكان الكلام فيها رائعاً، وفي مجال تحبه ولكن المحاضر لم يغير نبرة صوته إطلاقاً طوال المحاضرة؟.. أغلبنا مر بهذه التجربة.. هل تتذكر كم مرة داهمك النعاس في هذه المحاضرة.. أو الملل على الأقل؟
إن ما نطلق عليه عملية الاتصال الفعال التي يمكنك من خلالها أن تكسب الآخرين.. أو تكسب أموالاً طائلة أيضاً.. هي التي تستخدم فيها هذه العناصر الثلاثة بقوة مدهشة وفاعلية رائعة، وهي التي تستطيع فيها أن تقول كلمات بنبرة مناسبة.. وأن تدلل على هذه الكلمات بتعبيرات وجه مطابقة لما تقول..
وتذكر أنه لن يمكنك في يوم أن تضحك أصدقاءك بمزحة وأنت مقطب جبينك (لأنهم حينها سيضحكون عليك).
من أهم عناصر التواصل غير اللفظي:
المصافحة
نفعلها كثيراً كل يوم ومن أهميتها كان سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) يضعها جيداً في حسبانه حتى أنه كان لا يسحب يده من يد من يصافح حتى يسحبها هو.
كثيراً ما تعطينا المصافحة انطباعاً عن الشخص الذي نصافحه، فقد يمد إليك أحدهم يده مصافحاً فتشعر بحرارة وحفاوة في استقباله إياك، وقد تسلم على آخر فيشعرك بعدم اكتراثه بك أو اهتمامه، كل هذه الرسائل قد وصلت إليك بالمصافحة.
دعني الآن أشرح لك أنواع المصافحة:
* إذا جعل أحدهم يده فوق يدك وهو يصافحك: فهو شخص مسيطر قائد قد يكون جيداً أو غير ذلك ولكن احذر.
* إذا جعل أحدهم يده تحت يدك (جعل يدك هي العليا): هو شخص متسامح ودود طيب جداً تسهل قيادته.
* إذا كانت يداكما في وضع قائم متساوٍ: فهو شخص معتدل في تعامله مع الناس.
* إذا مد يده غير مكترث.. وتشعر أن يده رخوة في يدك (كالسمكة الميتة): فهو شخص غير مكترث بك، وقد يكون كسولاً أو متعالياً.
إلى هنا نكون قد عرفنا معنى الاتصال وعناصره، وعرفنا أيضاً أهمية تحركات الجسم وتعبيرات الوجه، فتأكد عزيزي القارئ من أنك تدلل على كلامك بتحركات جسمك ونبرة صوتك وتعبيرات وجهك.