منتديات محبى سيناء
الصحراء هي من ذهب اليها ذلك الطفل اليتيم الذي اعطى للحياة معنى وقيمة
الصحراء من حضنت نبي الامة محمد عندما كان في احضان السيددة حليمة السعدية فهنيئا لك ايتها.الصحراء يكفيك فخرا ان رمالك كانت تطبع اثار اقدام خير خلق الله ...... استنشق هواءها النقي .. وهناك راى الكل كيف يشع النور من الوجه البرئ .. وجه اجمل طفل منذ ان خلق الله البرية
الصحراء حب يسكن عروق اهلها ....... وماذا يعرف البعيد عنها من اسرار هذا الحب
يشرفنا ترحيبك ويسرنا انضمامك لنا,,,,,,,
فضلا وليس أمراً اضغط دخول إذا كنت مسجل أو اضغط تسجيل إذا كنت غير مسجل ,,اما اذا كنت تريد التصفح فاضغط إخفاء ......

منتديات محبى سيناء
الصحراء هي من ذهب اليها ذلك الطفل اليتيم الذي اعطى للحياة معنى وقيمة
الصحراء من حضنت نبي الامة محمد عندما كان في احضان السيددة حليمة السعدية فهنيئا لك ايتها.الصحراء يكفيك فخرا ان رمالك كانت تطبع اثار اقدام خير خلق الله ...... استنشق هواءها النقي .. وهناك راى الكل كيف يشع النور من الوجه البرئ .. وجه اجمل طفل منذ ان خلق الله البرية
الصحراء حب يسكن عروق اهلها ....... وماذا يعرف البعيد عنها من اسرار هذا الحب
يشرفنا ترحيبك ويسرنا انضمامك لنا,,,,,,,
فضلا وليس أمراً اضغط دخول إذا كنت مسجل أو اضغط تسجيل إذا كنت غير مسجل ,,اما اذا كنت تريد التصفح فاضغط إخفاء ......

منتديات محبى سيناء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات محبى سيناء


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
حتى نتسم عبير الحريه***حتى لا يصبح الوطن فى مهب الريح***حتى لا ندع قراراتنا فى يد من باعو الوطن وسرقوا مقدراته حتى لا تكون سلبيا شارك فى الانتخابات وأدلى بصوتك لمن يستحق
إداره منتديات محبى سيناء ترحب بكل زوارها الكرام وتتمنى ان ينال الموقع اعجابهم وكل عام وانتم بخير............
تشكر إداره المنتدى الأخ الغالى محمد جعفر على مجهوداته المتواصله فى سبيل الرقى بمنتدانا
يسر إداره منتديات محبى سيناء اعلان العضوه غزل نائب مدير الموقع ولها كافه الصلاحيات مع تمنياتناً بالمزيد من التقدم والتواصل البناء الهادف..........

 

 السودان وأزمات بناء السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
LOVERS SINAI
المدير العام
المدير العام
LOVERS SINAI


عدد المساهمات : 2417
نقاط : 179707
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
الموقع : أم الدنيا

السودان وأزمات بناء السلام  Empty
مُساهمةموضوع: السودان وأزمات بناء السلام    السودان وأزمات بناء السلام  I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 23, 2010 4:46 pm



السودان وأزمات بناء السلام

تقديم : هذه المقالة هى تحليل لقضية السودان من العام 2005 حتى العام 2006 .

على مدى عام كامل يقع فى الفترة الزمنية الممتدة من يوليو2005 إلى مايو 2006، شهد السودان أحداثا هامة ومحورية من شأنها أن تؤثر فى تشكيل مسار الأحداث والتفاعلات السياسية السودانية خلال المرحلة الانتقالية، المحددة بست سنوات والتى تنتهى فى 2011 طبقا لاتفاقية سلام جنوب السودان، التى جرى توقيعها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان فى 9 يناير 2005.
تتجلى الأهمية الخاصة لهذه الأحداث فيما أثارته من أسئلة وقضايا شائكة، من قبيل، هل سيتجه الجنوب ـ بعد غياب جون قرنق عن المسرح السياسى ـ إلى الانفصال مع نهاية الفترة الانتقالية، أم سيبقى فى إطار المعادلة التى أقرتها البروتوكولات الستة المكونة لاتفاق سلام الجنوب برغم ما فيها من عيوب، وكذلك ما هو شكل العلاقة بين الأقاليم المختلفة المكونة للشمال فى ضوء اتفاق أبوجا الموقع فى 5 مايو 2006 بشأن أزمة دارفور، ومدى انعكاس ذلك على المفاوضات التى بدأت لاحقا فى العاصمة الإريترية أسمرا حول أزمة شرق السودان، وهل ستؤدى مثل هذه الاتفاقات إلى تحقيق الأمن والاستقرار أم أنها ستظل منقوصة بسبب عدم رضا بعض الأطراف عنها، ومن ثم تستمر المعاناة ونزيف الحرب وتنشأ آليات جديدة للصراع بتحالفات وأدوات أخرى، كما هو حادث بالفعل فى أزمة دارفور. فى هذا السياق سيتم التركيز على المحاور الآتية:

أولا: غياب جون قرنق وتولى سلفا كير القيادة
جاء الغياب المفاجئ للدكتور جون قرنق زعيم الجنوب والنائب الأول لرئيس السودان، ليضيف أزمة جديدة إلى أزمات السودان العديدة، ويمنحها بعدا مأساوياً. فبرحيل قرنق فى نهاية يوليو 2005 فى حادث تحطم الهليوكوبتر التي كان يستقلها إبان عودته من زيارة كان يقوم بها إلى أوغندا، فقد السودان قائدا قويا، كان يمثل أحد الأرقام الصعبة والأساسية فى المعادلة السياسية السودانية.
فقد كانت القيادة التاريخية والحضور الطاغي لجون قرنق بمثابة الأمل للجنوبيين في تجاوز خلافاتهم وانقساماتهم القبلية والسياسية ومواجهة تحديات بناء جنوب مستقر يسعى نحو التنمية والتقدم. وجاء غياب قرنق بعد ثلاثة أسابيع فقط من عودته للخرطوم وتسلمه موقعه فى القصر الجمهورى كنائب أول للرئيس ورئيس للحكومة الإقليمية لجنوب السودان، في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة لمستقبل السودان، الأمر الذى أثار الكثير من القلق والمخاوف بشأن القدرة على تطبيق اتفاق السلام الذي لم يكن اتفاقا لوقف الحرب فقط، بل كان يضع أسسا جديدة لهيكلية السلطة والثروة في جنوب السودان نفسه، وفي علاقة الجنوب بالشمال، ويضع كذلك أسسا جديدة للعلاقات على المستوى القومي الذى يشمل السودان كله بشرقه وغربه ووسطه وشماله.
وكان رد الفعل الأولى لهذا الحادث الجلل على المستوى الرسمي ـ سواء لدى الحكومة السودانية أو قيادات الحركة الشعبية ـ يتسم بالعقلانية والهدوء ومحاولة احتواء التداعيات السلبية، إلا أن أحداث الشغب التي اندلعت في الخرطوم بواسطة الجنوبيين فور التأكد من مقتل قرنق، وراح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى من الشماليين والجنوبيين على السواء ، أضفت طابعا خطيرا، ليس على مستقبل اتفاق السلام فقط، وإنما على استقرار العاصمة السودانية نفسها، التي يوجد بها أكثر من مليوني جنوبي من النازحين نتيجة الحرب الأهلية فيما يعرف باسم الحزام الأسود حيث يقيم هؤلاء في أحياء وتجمعات فقيرة تحيط بالعاصمة.
وحينما تأكد نبأ مقتل جون قرنق فى حادث تحطم طائرته فى رحلة العودة من أوغندا إلى جنوب السودان، اتجهت كل الأنظار إلى القائد سلفاكير ميارديت، الذى أعُلن توليه كل المواقع التى كان يشغلها جون قرنق، وثارت الكثير من التساؤلات حول طبيعة شخصية سلفاكير واتجاهاته السياسية، ومدى قدرته على الحفاظ على وحدة الحركة الشعبية وإدارة الجنوب فى المرحلة الانتقالية وكذلك العلاقة مع الحكومة القومية فى الشمال، والاضطلاع بالعديد من المهام ذات الطبيعة المركبة والمتشعبة، وكان من أهم الأسئلة التى طرحت فى داخل السودان وخارجه عن موقف سلفاكير من قضية الوحدة التى كان جون قرنق ـ وهو الشخصية الاستثنائية فى تاريخ الجنوب ـ يوليها اهتماماً كبيراً، على طريقته وبمفهومه الخاص بطبيعة الحال.
1 ـ شخصية سلفا كير وتوجهاته
ولد سلفاكير ميارديت فى منطقة قوقريال، وهى أحد معاقل قبيلة الدينكا فى مديرية بحر الغزال، وبدأ حياته مقاتلاً فى صفوف حركة التمرد الأولى فى الجنوب أنيانيا إلى أن تم توقيع اتفاق السلام عام 1972 بين الحركة ونظام الرئيس نميرى، وبناء على ذلك تم استيعاب سلفاكير فى سلاح المشاة بالقوات المسلحة السودانية برتبة رقيب، ثم انتقل إلى إدارة الاستخبارات العسكرية وحصل على دورة تدريبية واستمر فى الترقى فى السلك العسكرى حتى وصل إلى رتبة النقيب بالاستخبارات العسكرية عام 1983، حيث أعلن انضمامه إلى التمرد، وكان من أوائل الذين انضموا إلى الحركة الشعبية، ولذا يعده البعض من مؤسسيها التاريخيين حيث كان عضواً بهيئة القيادة التى تكونت آنذاك من أربعة عشر شخصاً، وهو الآن الوحيد الباقى على قيد الحياة من هذه المجموعة التى قتل معظم أفرادها فى ظروف غامضة، أو فى الاقتتال الداخلى بين أجنحة الحركة مثل وليم نون، وكاربينو كوانين بول، وأروك طون أروك.
وقد أسندت إلى سلفاكير مهمة إدارة الاستخبارات فى الحركة، وأضيفت إليها مهمة جديدة هى الإشراف على التدريب، الأمر الذى مثل إحدى نقاط قوة سلفاكير فيما بعد، حيث تمكن فى هذه الفترة من التعامل المباشر مع معظم أعضاء الحركة وقياداتها من خلال الزيارات والإشراف الميدانى، والتعرف على بيئة العمل، وهؤلاء الأفراد والقادة الذى أصبحوا ممسكين بالكثير من القطاعات المهمة فى الحركة، تحولوا إلى مؤيدين لسلفاكير الذى يعرفونه ويأنسون إليه من خلال علاقاتهم الميدانية.
النقطة الثانية التى مثلت مصدر قوة خاصة لسلفاكير، هى أنه ينتمى إلى فرع الدينكا قوقريال، بخلاف جون قرنق الذى كان ينتمى إلى دينكا بور، حيث تتعدد الفروع والبطون فى قبيلة الدينكا التى تتسم بضخامة العدد إذ أنها أكبر قبائل الجنوب على الإطلاق، ويعد فرع قوقريال أكبر فروع الدينكا وأهمها، وفى ظل هذه البيئة التقليدية، كان سلفاكير يحظى دائماً، وبشكل تلقائى بتأييد واسع داخل الحركة بالنظر إلى هذا الانتماء.
عرف عن سلفاكير الاهتمام بالعمل فى صمت وتفضيله للعزلة، وربما كان متأثراً فى ذلك بطبيعة تخصصه فى العمل الاستخبارى بالإضافة إلى سماته الشخصية، إلا أن ذلك لم يكن يعنى أنه لم يكن ذا رأى فى توجهات وسياسات الحركة الشعبية، حيث تشير كثير من التقارير إلى أنه كان يتحفظ كثيراً على سياسات جون قرنق وخاصة اهتمامه بإقامة العلاقات والتحالفات فى الشمال والاهتمام بقضية التحول الديمقراطى، حيث كان سلفاكير يفضل إعطاء الأولوية للشأن الجنوبى، الأمر الذى تأكد فيما بعد من خلال ممارساته، وكان معارضاً هنا
لإطالة أمد المفاوضات التى استغرقت أكثر من ثلاثين شهراً، بسبب بعض القضايا المتعلقة بالتحول الديمقراطى وحصة الحركة الشعبية فى السلطة على المستوى القومى والأوضاع فى المناطق المهمشة، وكانت خلاصة مواقف سلفاكير أن الحكومة السودانية قد اعترفت منذ بداية المفاوضات ومع توقيع بروتوكول ماشاكوس فى 20 يوليو 2002 بحق تقرير المصير لجنوب السودان، وبحق الجنوب فى إقامة نظامه القانونى والاقتصادى الخاص والذى لا يخضع لقوانين الشريعة الإسلامية المطبقة فى الشمال، وبالتالى فإن أى إطالة للمفاوضات أو دفعها لحافة الانهيار سوف تكون خصماً على المكاسب التى تحققت للجنوبيين، ويبدو أن جون قرنق قد اتجه على أثر ذلك إلى تهميش دور سلفاكير داخل الحركة رغم أنه كان رئيساً لهيئة الأركان العسكرية ويعد الرجل الثانى على المستويين العسكرى والسياسى، وقد تصاعدت هذه الخلافات إلى أن وصلت إلى طريق مسدود، أنذر بوقوع تمرد واسع النطاق فى صفوف الحركة يتزعمه سلفاكير ويدعمه عدد كبير من القيادات العسكرية وأبناء قوقريال داخل الحركة، وبدأت بوادر الانشقاق تظهر إلى العلن حينما رفض سلفاكير تلبية أوامر قرنق بالحضور لمقابلته فى نقطة تمركز قرنق فى ياى بالجنوب، واعتصم سلفاكير بمنطقة يرول خشية القبض عليه أو تصفيته جسدياً، خاصة أنه كان قد قضى فى وقت سابق بضع سنوات فى سجون الحركة بسبب اختلافه فى الرأى مع جون قرنق.
من الناحية العملية تمت تسوية هذا الخلاف من خلال مؤتمر عام لقيادة الحركة الشعبية حضره كل من قرنق وسلفاكير واستمر المؤتمر ثلاثة أيام، تعرض فيها قرنق لانتقادات حادة واتهامات بالديكتاتورية والسكوت عن الفساد المالى، والنجاح فى العمل الخارجى فى الوقت الذى يفشل فيه فى إدارة الشئون الداخلية من خلال تجاهل التسلسل القيادى والانفراد بالرأى وتقريب أصحاب الثقة والحظوة، وتجاهل المؤسسية بشكل كامل، حتى أن سلفاكير وصف جون قرنق بأنه يحمل الحركة معه فى حقيبته حينما يسافر فى إشارة إلى مستوى الشخصنة الذى بلغته قيادة جون قرنق.
ولأسباب عديدة كان من أهمها القلق من انهيار المفاوضات الخاصة باتفاق السلام الذى كان فى مراحله الأخيرة ـ حيث جرى توقيعه بعد ذلك بشهرين ـ تم احتواء الموقف من خلال تعيين سلفاكير مشرفاً على إعادة تنظيم جيش الحركة الشعبية، وتعيين اثنين من القادة الآخرين كمشرفين على قطاعات إدارية وسياسية، إلا أن جون قرنق وبعد توليه منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيساً لحكومة الجنوب التى كانت مازالت تحت التشكيل، أصدر قراراته الأولى من القصر الجمهورى بإعفاء بعض القادة العسكريين ومن بينهم سلفاكير وإحالتهم إلى التقاعد، مع تعيين سلفاكير نائباً لجون قرنق فى حكومة الجنوب وترقيته إلى رتبة الفريق.
فى هذا الإطار ظهرت العديد من التكهنات حول موقف سلفاكير من قضية الوحدة، وهل سوف يهتم بأمر الجنوب فقط ويجنح إلى الانفصال باعتبار أن الانخراط فى الشأن الشمالى سوف يثقل كاهل الجنوبيين ولا يضيف إليهم شيئاً، لاسيما وأن الجنوب لديه ما يكفيه من الانقسامات والخلافات السياسية والعسكرية والقبلية، وأن هناك تحديات هائلة فيما يتعلق بالتنمية وتوفير الخدمات الأساسية وتلبية طموحات الجنوبيين الذين استنزفتهم الحرب طويلة الأمد، وصاروا يتطلعون إلى المكافآت المنتظرة من السلام.
وربما زاد من أمر هذه التكهنات العلاقة الودية التى تربط سلفاكير بالسياسى الجنوبى المعروف بونا ملوال الذى كان وزيراً للإعلام فى عهد نميرى بعد اتفاقية 1972، إلا أنه خرج إلى لندن فى عهد الإنقاذ. وأصبح يطالب بانفصال جنوب السودان مشيرا إلى أن هذا هو الحل الأمثل لمشكلة الجنوب، وقد جاهر بونا ملوال بمعارضته العنيفة لسلوك جون قرنق وتوجهاته السياسية لاسيما تفضيله للاستمرار فى الوحدة مع الشمال، باعتبار أن هذه الاستراتيجية تخص جون قرنق وحده لأنها تلبى طموحاته السياسية فى أن يكون رئيساً وقائداً لكل السودان وليس للجنوب فقط، وأن هذا الأمر لا يخص الجنوبيين ولا يجب أن يدفعوا ثمنه فى إطالة أمد المعاناة. ويجب الإشارة فى هذا السياق إلى أن بونا ملوال ينتمى إلى فرع قوقريال من الدينكا الذى ينتمى إليه سلفاكير.
2 ـ سلفا كير فى القيادة
لم يفصح سلفاكير عن الكثير مما بداخله، إذ ذكر علناً وأكثر من مرة تأييده للوحدة والتحول الديمقراطى واهتمامه بقضايا التنمية والتزامه بالسير فى تنفيذ اتفاق السلام، إلا أنه حاول الإيحاء بأن رأيه من قضية الوحدة أو الانفصال ليس مهماً إذ أنه رأى فردى لن يستطيع التأثير فى الجنوبيين إذا كانوا فى غالبيتهم يؤيدون الوحدة أو الانفصال، وهو موقف لا يخفى الطابع الحذر وربما المراوغ فى مثل هذه الصياغات.
وفيما يتعلق بالقضايا الأخرى ذات الأهمية، أثبت سلفاكير أنه يحظى بالتأييد القوى داخل الحركة، وظهر ذلك فى السلاسة الواضحة فى توليه لزمام القيادة وسيطرته الكاملة على دفة الأمور،، كما أظهر بوادر إيجابية لإمكانية حل الخلافات مع الجنوبيين الآخرين، خارج الحركة الشعبية مثل مجلس تنسيق الولايات الجنوبية، أو قوة دفاع جنوب السودان التى يقودها فاولينو ماتيب، وهذه التنظيمات كانت تعارض جون قرنق بقوة. واللافت للنظر هو الإعلانات المتوالية من هذه الجهات باستعدادها للتعاون مع سلفاكير وقبولها للعمل تحت قيادته، خاصة وأن سلفاكير أعلن أنه سوف يحتفظ بمواقعه الثلاثة لأن هذا ما ينص عليه اتفاق السلام، إلا أنه سوف يفوض صلاحياته للآخرين ، الأمر الذى يعنى أنه يرغب فى إشراك الآخرين فى السلطة وهو ما يعطيه قبولاً أوسع فى الجنوب، سواء داخل الحركة الشعبية أو خارجها.
وقد استطاع سلفاكير أن يعقد اتفاقا معفاولينو ماتيب قائد قوة دفاع جنوب السودان التى تمثل أهم طرف جنوبى مناوئ للحركة الشعبية فى الجنوب، وتولى القائد ماتيب بموجبه منصب نائب القائد العام لقوات الحركة الشعبية، وإن كانت هذه الخطوة التى نظر إليها باعتبارها خطوة مهمة لتوحيد الصف الجنوبى آنذاك، لم تخل من بعض المتاعب والتداعيات فيما بعد بين الطرفين، خاصة أن بعض أجنحة قوة دفاع جنوب السودان انشقت عنها رافضة الانضمام للحركة الشعبية ومحتفظة فى الوقت نفسه بعلاقاتها مع حزب المؤتمر الوطنى.
يبقى القول أن سلفاكير يمارس مهامه بقدر كبير من التوازن الممزوج بالحذر، وأعلن اكثر من مرة انه يفضل منهج الإنجاز بديلاً عن كثرة الحركة أو الحديث، وأن اهتمامه الأساسى هو التنمية فى الجنوب، وتطبيق اتفاق السلام، ومع ذلك فقد تعرضت علاقاته مع حزب المؤتمر الوطنى وهو الشريك الآخر فى حكومة الوحدة الوطنية قد تعرضت للعديد من الأزمات، منها:
الأزمة الأولى: الخلاف بشان تولى حقيبة وزارة الطاقة التى أصر حزب المؤتمر الوطنى على الاحتفاظ بها فى إطار حرصه الواضح على السيطرة على الوزارات الحاكمة فى المجالين الأمنى والاقتصادى، وبخاصة وزارات الدفاع والداخلية والنفط. وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية كانت من نصيب الحركة الشعبية إلا انه لم يتم إعادة هيكلة الوزارة على النحو الذى يلبى طمح الحركة الشعبية ، حيث لم يتم تعيين سفراء جنوبيين فى السفارات السودانية، وهو ما تم تبريره بعدم وجود عناصرمدربة بين الجنوبيين.
الأزمة الثانية : وكانت حول تحديد حصة الجنوب من إيرادات النفط، واتهام الحكومة بأنها لا تعلن الأرقام الدقيقة لإنتاج البترول. وكان كير قد أعلن فى مؤتمر صحفي عقد في 28يناير2006 عن عدم تسلم حصة الجنوب من النفط والمقدرة بـ 50% من النفط المستخرج من جنوب البلاد طبقاً لاتفاقية نيفاشا، مشيرا إلى عدم وجود بيانات شفافة حول إيرادات الحكومة من ثروة البلاد الرئيسية أو كميات النفط المستخرجة وأسعار بيعها. وفى مقابل هذه الادعاءات كشفت حكومة الوحدة الوطنية عن أن حكومة الجنوب قد تسلمت بالفعل 761 مليون دولار، تمثل نصيبها مناصفة من عائد بترول الجنوب. وقد تقدمت الحركة الشعبية بثلاثة مقترحات لعمل مفوضية البترول تتعلق بإعادة هيكلتها، إما بتكوين سكرتارية مستقلة، أو سكرتارية تحت الطلب لمهام معينة تشمل مهامها كافة المجالات المتعلقة بأعمال النفط، أو تكوين لجنة مشتركة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. وجاءت هذه الاقتراحات لغرض ضمان الشفافية واطلاع الجنوبيين على عوائد الثروة البترولية.
الأزمة الثالثة : ودارت بشأن الموقف الذى أعلنه سلفاكير حول تأييده لمجئ قوات دولية إلى دارفور للإشراف على تنفيذ اتفاق أبوجا. وهو ما ترفضه الحكومة السودانية رسميا وتقاوم كل الضغوط الدولية فى هذا الشأن.
وقد أثارت الزيارة التى قام بها سلفاكير إلى الولايات المتحدة قدرا من عدم الارتياح فى الخرطوم بسبب الإقصاء المتعمد للسفارة السودانية فى واشنطن عن أى ترتيبات تتعلق بالزيارة، وهو الأمر نفسه الذى تكرر فى الزيارتين اللتين قامت بهما ربيكا قرنق إلى الولايات المتحدة، فضلا عن العديد من المؤشرات التى توضح رغبة الولايات المتحدة فى أن تأخذ علاقتها بحكومة الجنوب مسارا مختلفا يتسم بالاستقلالية عن مسار علاقتها بالحكومة القومية فى الخرطوم.
خلاصة القول أن هذه السياسة التى يتبعها سلفاكير تُبقى على الاحتمالات كلها مفتوحة فيما يتعلق بمستقبل السودان وهل سيتجه إلى الوحدة أم الانفصال، إلا أن الشئ المؤكد أنه لن يكون نموذجاً مكرراً لجون قرنق، وأنه على القوى السياسية الشمالية التى كانت تعول على التحالف مع الحركة الشعبية أن تعيد حساباتها. كما أن الأزمات والتحالفات المتحركة فى الشرق والغرب وعلى المستوى الإقليمى قد تأثرت سلبا بسبب فقدان الدعم الذى كانت تتلقاه من الحركة الشعبية على مختلف الأصعدة فى عهد قرنق، لأن الأولويات الأساسية فى عهد سلفاكير قد تغيرت بالفعل، والشاهد الأساسى على ذلك هو توارى وربما غياب أطروحة السودان الجديد فى خطاب الحركة بعد غياب قرنق.

ثانيا: اتفاق نيفاشا فى مواجهة واقع جديد
على الرغم من أن اتفاقيه نيفاشا قد أسست نظريا لاستمرار السودان الموحد عبر ما أسمته خيارات الوحدة الجاذبة والمستندة على فكرة السودان الجديد التى كان ينادى بها رئيس الحركة الشعبية الراحل جون قرنق، إلا أن مصرع الأخير على النحو المشار إليه طرح قضية الوحدة والانفصال بشكل جديد، لاسيما فى ضوء قيام بعض الأطراف فى الجنوب وفى الشمال بالمناداة لخيار الانفصال، جنبا إلى جنب المشكلات التى ظهرت عند تطبيق اتفاقية نيفاشا.
1ـ جدل الانفصال فى شمال السودان وجنوبه
يمكن القول أن ثمة اتجاهات لدى قطاع من النخبة ترى أن خيار الانفصال واقع لا محالة، وان من الأفضل إعلانه الآن بدلا من الانتظار لسنوات أخرى مقبلة، وتبدو بعض المؤشرات مؤيدة لهذا التوجه، من قبيل التأخر فى إنشاء مفوضيه للوحدة، ووجود اتجاهات وإن كانت محدودة نسبيا داخل الحركة الإسلامية تختزل السودان فى مثلث الوسط فقط الذى يقطنه غالبيه من العرب والمسلمين وهو مثلث ( الخرطوم - دنقلا - سنار)، وإنشاء بعض منظمات غير حكومية كمنبر السلام العادل الذى أسسه الطيب مصطفى أحد قيادات الحركة الإسلامية، تتبنى فكره انفصال شمال السودان عن جنوبه قبل انتهاء الفترة الانتقالية. فضلا عن ضعف الأحزاب السياسية الداعمة لاتجاهات وحدة الوطن السوداني وعدم قدرتها على التأثير فى موازين القوى في المرحلة الراهنة.
وفى الجنوب أيضا، ثمة توجه انفصالى بدأ فى الظهور فى صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان لاسيما بعد غياب زعيمها التاريخى جون قرنق، كذلك فقد وجدت الاتجاهات الانفصالية المعروفة تاريخيا فى صفوف الدينكا طريقها إلى صفوف القبائل الأخرى والتى كانت تفضل خيار الوحدة تحسبا لسيطرة الدينكا على جنوب السودان باعتبارها أكبر القبائل فيه. حيث تقوم عناصر طلابية تنتمى إلى الجبهة الجنوبية الحديثة المعلنة فى 17/2/2000 ، والتى تسيطر عليها عناصر من قبيله الشلك وبعض القبائل الجنوبيه الأخرى، بعدد من الأنشطة تبشر بفكرة الانفصال بين صفوف الطلاب بمعظم الجامعات السودانية. وترى هذه الجبهة أن اتفاقيه نيفاشا تنطوى على إمكانية هائلة لإعلان الانفصال.
وفى هذا السياق ذاته تتبنى الحركة الشعبية مطلب عودة جامعة جوبا إلى مقرها الأصلي في جوبا عاصمة جنوب السودان بعد أن انتقلت منها إلى العاصمة عام 1989 على خلفية الحرب الأهلية. وقد تبلور هذا الاتجاه لدى الطلاب الجنوبيين في الجامعة الذين يشكلون 40% من عدد طلابها بعد الفشل فى تكوين اتحاد طلابي للجامعة أسفر عن اضطرابات وتدمير لمباني الجامعة وممتلكات الأساتذة فى فبراير 2006 . وقد أقدمت حكومة الجنوب على إصدار أوامر إدارية تتطلب إذنا لدخول أراضى جنوب السودان من جانب الشماليين، وتفتيش أوراق الهوية فى مطار جوبا للسودانيين، وهو ما دافع عنه رئيس حكومة الجنوب.
فى الوقت نفسه فإن اعتماد الحركة الشعبية على كوادر بشرية أفريقية وأوربية في مجال التعليم بالجنوب، ينظر إليه كخطوة يمكنها أن تكرس المزيد من عوامل الانقسام بين الشمال والجنوب تحت مظلة اختلاف الهويات الثقافية والدينية وميراث الحرب الأهلية.
2 ـ مشكلات التطبيق
هناك تباين بين شريكى الحكم؛ حزب المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية إزاء عملية تطبيق الاتفاقية، فبينما يعتبرها المؤتمر الوطنى تسير قدما رغم بعض المشكلات خصوصا على صعيد تشكيل مؤسسات الحكم وتوزيع الثروة، تشير رموز حكومة الجنوب إلى أن آليات عمل المفوضيات الخاصة بتطبيق اتفاقية السلام لا تقوم بعملها كما ينبغى، فضلا عن أنها تكشف عن إرادة شمالية فى استبعاد الجنوبيين.
وقد حاول شريكا حكومة الوحدة الوطنية القيام بمعالجة تباين الآراء والمواقف إزاء تطبيق اتفاقية السلام في مؤتمر عقد في 27-28 مايو 2006 ، ولكن هذا المجهــــود السياسي لم يظهر نتائجـــه بعد، وما زال بحاجــة إلى جهــــود إضافيــة فى المستقبل. وفي هذا السيــاق ويمكن رصد مشكلات تطبيق اتفاقيــة السلام فى عدد من المفاصل الرئيسية:
أ ـ تقسيم السلطة : جاء تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ليكشف عن اتجاهات لدى المؤتمر الوطنى الحاكم بالسيطرة على الوزارات الحاكمة فى المجالين الأمنى والاقتصادى، فكانت وزارات الدفاع والداخلية والنفط من نصيب مؤتمر الحزب الوطنى الحاكم. وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية كانت من نصيب الحركة الشعبية إلا أن عملية إعادة هيكلة الوزارة لتتوافق مع متطلبات الشراكة بين المؤتمر الوطنى الحاكم والحركة الشعبية لم تبدأ بعد. وما زالت مطالب تعيين سفراء جنوبيين بحاجة إلى إعداد كوادر، وهى عملية لم تبدأ بعد.
وقد شكل الجدل الناشئ حول وضع العاصمة القومية في الدستور مؤشرا على تباعد الرؤية فى هذا الصدد، ففي مارس 2006، قدم المؤتمر الوطني مشروع دستور للعاصمة يشير إلى اعتماد الشريعة الإسلامية واللغة العربية للعمل بهما في الخرطوم وذلك على اعتبار أن الخرطوم هى إحدى ولايات جمهورية السودان، وهو ما رأته مصادر الحركة الشعبية مخالفا للمادة 152 في الدستور الانتقالي التى تنص على أن الخرطوم هى العاصمة القومية للبلاد، كما تنص مادة 3 ومادة 8 على أن الإنجليزية هى لغة رسمية في الخرطوم إلى جانب العربية. كما هددت هذه المصادر بأن تخفض نسبتها في سلطة ولاية الخرطوم من 28% إلى 10%.
وقد تم تحديد الخلافات بين الطرفين بدستور العاصمة بخمسة نقاط هى طبيعة الولاية، واللغة الرسمية، وقسم الوالى، وقسم الوزير، بالإضافة إلى الأحكام الانتقالية والسلطات المحلية. وطبقاً لذلك تم تشكيل لجنة لحل هذه لخلافات في 22/4/2006 حسمت هذه الخلافات بصيغة تقبل التأويل، إذ تم الاتفاق على أن الخرطوم هى عاصمة البلاد القومية يحفظ فيها حقوق غير المسلمين وأن مصادر التشريع فيها هى جميع الأديان والرسالات السماوية، بينما تم تجاهل نقاط الخلاف الأخرى بالسلطات المحلية خاصة في ظل إشكالية تكدس السلطات وتضاربها في العاصمة بين المستويات القومية والمحلية والولائية.
ب ـ تقسيم الثروة: يشكل تقسيم الثروة بين شمال وجنوب السودان معضلة مؤثرة في الوجدان الجنوبي. وفي هذا السياق أثارت مسألة إسناد وزارة النفط لوزير شمالى جدلا كبيرا عند تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. ويمكن القول أن موقف سلفاكير رئيس حكومة الجنوب الذى اعتبر أن توزير شمالي في هذه الوزارة هو أول معاول هدم الوحدة، يشير إلى طبيعة الرؤية الجنوبية التى رأت أن حصول الجنوب على وزارة البترول له أهداف سياسية تتعلق بتعزيز خيار الوحدة. وهو ما لم يكن مقنعا للمؤتمر الوطنى الذى أصر على أن تكون الوزارة من نصيبه.
ج ـ ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب: شكل ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب في منطقة ابيى بمناطق التماس بين شمال وجنوب السودان معضلة أساسية أثناء مفاوضات نيفاشا، وهى مشكلة مازالت مستمرة حتى اللحظة الراهنة. وكان الراعي الأمريكي إبان مفاوضات نيفاشا قد تدخل للقفز على هذه المشكلة بتشكيل برتوكول خاص بمنطقة أبيي أوكلت مهامه التنفيذية للجنة من الخبراء، وذلك بعد وضوح الخلاف بين الموقف الحكومي المستند إلى ضرورة الاحتكام إلى حدود الجنوب وقت استقلال السودان 1/1/1956 طبقا لاتفاق مشاكوس، وبين موقف الحركة الشعبية الداعى إلى أن أبييى منطقة تابعة لبحر الغزال وبها عموديات دينكا نقوك التسع التى ضمها الانجليز 1905 إداريا إلى مديرية كردفان.
ويمكن تحديد أسباب عدم القدرة على اختراق هذه المعضلة في وجود اختلاف وتعارض بين برتوكول حسم النزاع في ولايتي جنوب كردفان وجبال النوبا والنيل الأزرق الموقعة في نيفاشا فى 26/5/2004 وبين الملحق الخاص المتعلق بتنفيذ البرتوكول الموقع في ديسمبر 2004، إذ أن البرتوكول نص على تشكيل مفوضية بواسطة رئاسة الجمهورية لتحديد وترسيم الحدود خلال عامين من ممثلين عن الإدارة والمجتمعات المحلية. ولكن الملحق التنفيذي استبدل هؤلاء الممثلين بـ 5 خبراء أجانب غربيين وأفارقة برئاسة السفير الأمريكي رونالد بترسون، إضافة لخمسة ممثلين للحكومة ومثلهم للحركة الشعبيــــة، مع تقليص مدة عمل اللجنة لمدة ثلاثـــة أشـهـر بدلا من فترة سنتين.
وقد سلمت اللجنة الدولية تقريرها حول حدود أبيبي إلى رئيس الجمهورية في 14 فبراير 2005، حيث اعتمدت مطالب قبيلة الدينكا التي تقول أن مناطق قبيلة دينكا نقوك التسع التى ضمت عام 1905 إلى جنوب كردفان هى شمال بحر الغزال، بينما تتمسك قبيلة المسيرية أنها جنوب هذا البحر، حيث تبلغ مساحة منطقة الخلاف حوالي 100 كيلو متر مربع غنية بالنفط. وقد رفضت رئاسة الجمهورية رأى لجنة الخبراء واعتبرته غير ملزم لها، خصوصا وان اللجنة قد اعترفت أنها فشلت في التأكد من المنطقة التي ضمت إداريا إلى كردفان في 1905.
وقد تسببت مشكلة أبييى في عدد من التوترات في منطقة كردفان بين الشماليين والجنوبيين، كما أنها اعتبرت من المشكلات الرئيسية التي تشكل عائقاً من عوائق تنفيذ اتفاقية السلام، حيث طالبت الحركة الشعبية بضرورة اعتماد رأى لجنة الخبراء عبر كل تحركاتها السياسية خاصة في مؤتمر سلفاكير الشهير في 26/1/2006، والذي كشف فيه عن بطء تنفيذ الاتفاقية، كما كانت الموضوع الأساسي على مائدة الاجتماع المعقود في نهاية مايو بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وهو الاجتماع الذى توصل إلى أربعة اقتراحات لحل مشكلة أبيبي وهى؛ استدعاء الخبراء للدفاع عن تقريرهم الذي سلموه لرئاسة الجمهورية في يوليو 2005، والعرض أمام المحكمة الدستورية السودانية، وـ طلب تحكيم من طرف محايد يقبله الطرفان، والتوصل إلى حل سياسي.
ويمكن القول أن الفرص المتاحة أمام هذه الخيارات المطروحة تعد ذات فاعلية محدودة في ضوء حالة الاستقطاب السياسي الراهنة بين طرفي الحكم، إضافة وجود معارضة لهذه الاتفاقية من جانب معظم القوى السياسية السودانية.
د ـ المحور الأمني، حيث تعد المشكلات المتعلقة بتطبيق هذا المحور تهديداً مهما لدعم خيار الوحدة الطوعي، حيث شكل البطء في انسحاب وحدات الجيش السوداني من الجنوب وإدماجها في الوحدات المشتركة إحدى أهم المشكلات التى رصدها نائب الرئيس السوداني سلفاكير في مؤتمره الصحفي المعقود في نهاية يناير 2006 ، وكذلك في اجتماع مكتب الحركة مع الحزب الحاكم في مايو 2006 حول إشكاليات تطبيق اتفاقية السلام. واللافت للنظر أن الحركة الشعبية طبقت نفس الآلية البطيئة في الانسحاب من شرق السودان بمنطقة همشكوريب.

ثالثا: أزمة دارفور وتوقيع اتفاق أبوجا
أدت الطبيعة الخاصة لأزمة دارفور والناتجة عن التركيبة السكانية ذات الأبعاد القبلية والإثنية للإقليم، وكذلك تعدد وتداخل الخطط والأولويات الإقليمية والدولية المؤثرة على مجريات الصراع إلى تطاول عملية المفاوضات وتعقدها واتخاذها مسارا متذبذبا، فلم يكن التقدم الذى يتم إحرازه فى هذه الجولة أو تلك يعنى اقتراب الوصول إلى حلول مرضية لطرفى التفاوض، كما هو معتاد فى أى مفاوضات مماثلة، بل إن العكس هو الذى كان يحدث فى العديد من الأحيان، فحركتا تحرير السودان والعدل والمساواة واللتان كان من المفترض نظريا انهما تفاوضان من خلال وفد مشترك، كثيرا ما كانتا تختلفان بسبب تغير مواقفهما نتيجة لأسباب تتعلق بالتوازنات الداخلية لدى كل حركة، أو لمواقفهما المتغيرة تجاه هذا الطرف الإقليمى أو ذاك، وأيضا لسبب أخر يتعلق بتركيبة الوفود المفاوضة من حيث ضخامة أعداد المشاركين فيه وتغير الأعضاء من جولة إلى أخرى وافتقاد الوحدة والانسجام الداخلى لدى أعضاء هذه الوفود.
1 ـ إعلان المبادئ
بعد تعثر طويل تم فى الخامس من يوليو 2005 توقيع إعلان المبادئ الخاص بالمحاور الأساسية للمفاوضات، وكانت الخلافات التى سبقت هذا التوقيع واستغرقت زمنا طويلا تتمحور حول موقف الحركتين المسلحتين من الوساطة التشادية، فحركة العدل والمساواة كانت ترى أن تشاد أصبحت طرفا في النزاع الدائر فى دارفور وإنها تحاول زرع الشقاق فى صفوف حركة العدل لمساعدة الخرطوم. واعتبرت حركة تحرير السودان الأكثر اعتدالا أن تشاد يمكن أن تكون مراقبا، لكن لا يمكن أن تكون وسيطا. وأوضح بيان للاتحاد الإفريقى أن هذه القضية قد تؤدي إلى عرقلة المفاوضات بشكل كامل. غير أن حركة تحرير السودان بدلت رأيها فى وقت لاحق من نفس الجولة وقررت التشديد على أن تكون تشاد وسيطا، فى الوقت الذى استمرت فيه العدل والمساواة على موقفها وهددت بالانسحاب من المفاوضات إذا تمسك الاتحاد الأفريقي بهذه المسألة. وباتت هذه القضية عقدة حقيقية بالنسبة إلى الوسطاء الأفارقة لأنها تحول دون تقدم الحوار، وخصوصا حول إعلان المبادئ الذى كان مطروحا للنقاش. ثم بدأت عقبة أخرى فى الظهور بعد وقوع عدة اشتباكات مسلحة بين حركة التحرير وحركة العدل والمساواة، وبعد أن أعلنت حركة تحرير السودان إحكام سيطرتها الميدانية على بعض المواقع في شمال دارفور، أعلنت عدولها عن التنسيق المشترك بينها وبين حركة العدل والمساواة فيما يتعلق بالمفاوضات.
ولذلك قرر الاتحاد الأفريقي، إنشاء لجنة عمل في محاولة لتحريك المفاوضات، وضمت هذه اللجنة رئيسي وفدي الحركتين المسلحتين، عبد الواحد نور عن حركة تحرير السودان وخليل إبراهيم عن حركة العدل والمساواة، ومجذوب الخليفة عن الحكومة السودانية. وأوضح الاتحاد الأفريقي أن الوساطة التشادية تشارك أيضا في هذه اللجنة المصغرة، وكذلك ممثلون عن الشركاء الدوليين والدولتان اللتان تبذلان جهودا لتسهيل التوصل إلى اتفاق، أي ليبيا ونيجيريا.
ومن جهتها، نددت تشاد التي تلعب دور وساطة إلى جانب وساطة الاتحاد الأفريقي، منذ بداية النزاع في دارفور، بالمناورة التي تقوم بها حركة العدل والمساواة بتحريض من بعض الدول بهدف إفشال محادثات السلام. وكان الاتحاد الأفريقى قد سبق له أن تغلب على اعتراض الحكومة السودانية على مشاركة إريتريا فى المباحثات باعتبارها وسيطا، حيث لا توجد لإريتريا حدود مشتركة مع دارفور وليس لها مصالح واضحة يمكن أن تتضرر من النزاع فى الإقليم، غير أن حركتى التمرد تمسكتا بالحضور الإريترى بالنظر إلى الدعم المتعدد الذى تلقيانه من أسمرا، وهو ما قبلته الحكومة السودانية فى نهاية المطاف.
و فى هذه الأجواء كان طبيعيا أن يتم النظر إلى إعلان المبادئ باعتباره إنجازا مهما، فأجريت له مراسم للتوقيع في العاصمة النيجيرية أبوجا. ونص الاتفاق فى أهم بنوده على إشاعة الديمقراطية والتعددية السياسية والحرية وقيام مجتمع مدني، واستقلال القضاء والإعلام، وحقوق المواطنة وحرية التعبير والتجمع لكل السودانيين. كما اتفقوا على قيام نظام فدرالي وإعادة تأهيل الإقليم وتوزيع منصف للثروات. وكانت حركة تحرير السودان قد تأخرت في توقيع الإعلان، وأرجعت السبب إلى مطالبتها بإدراج عدة نقاط إلى إعلان المبادئ من بينها، فصل الدين عن السياسة، وتعديل صيغة متعلقة بملكيــة الأراضي على أن تستمر الصيغة القديمـــة الموروثة في معالجة مشكلات الأراضي.
كما نص إعلان المبادئ على أهمية قيام نظام ديمقراطي، يحقق التعددية السياسية، والحرية وقيام مجتمع مدني متسم بالحركية والنشاط. وأشار الإعلان الذي احتوى على 17 محورا، إلى تمكين سيادة القانون، واستقلال القضاء، وحرية وسائل الإعلام، والمساءلة والشفافية، والعدل والمساواة للجميع، بغض النظر عن العرق والعقيدة والجنس، كأساس للمشاركة الفعلية لجميع المواطنين السودانيين في إدارة شؤونهم الخاصة، وعملية اتخاذ القرار على كل مستويات الحكم. وقال الإعلان إن المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات المدنية والسياسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع لكل السودانيين، ولا ينبغي أن يكون أحد من السودانيين موضع تمييز على أساس الدين أو العقيدة أو العرق أو النوع أو لأي سبب آخر. ويجب تضمين ذلك في الدستور القومي. كما نوه إلى أن احترام تنوع شعب السودان، مسألة ذات أهمية قصوى، شأنها في ذلك شأن الاعتراف الكامل بطابعه المتعدد الأعراق والأديان، بالإضافة إلى تنمية الطابع الثقافي المتعدد للمجتمع، وأن سلامة أراضي السودان ووحدته المتفق عليها تاريخيا ستتعزز بالإرادة الحرة لشعبه من خلال الاعتراف بمثل هذا التنوع ومواءمته.
وفي مادته الرابعة أقر الإعلان بضرورة قيام نظام فيدرالي للحكم، مع تخويل فعال للسلطات وتوزيع واضح للمسؤوليات بين المستوى القومي للحكم وسائر المستويات الأخرى، كأمر أساسي لضمان مشاركة فعالة وإدارة منصفة في السودان عامة ودارفور خاصة. وفي هذا السياق، يتعين معالجة المسائل المتعلقة بالإدارة المحلية.
وطالب الإعلان بضمان التمثيل الفعال لأبناء الإقليم في جميع المؤسسات الحكومية على المستوى القومي، بما فيها فروعها التشريعية والقضائية والتنفيذية، وكذلك في المؤسسات الاقتصادية والثقافية، من أجل مشاركة فعالة من جانب المواطنين والمجتمعات في السودان، بما في ذلك دارفور.
واعتبرت الأطراف إعادة تأهيل دارفور وإعمارها مسألة ذات أولوية، ولهذا الغرض يجب أن تتخذ خطوات خاصة لتعويض أهل دارفور، ومعالجة الخسائر البشرية والممتلكات المدمرة أو المسروقة، والمعاناة الناجمة عن ذلك. كما طالب بتشجيع المصالحة، واستعادة التعايش التقليدي السلمي والراسخ بن المجتمعات في دارفور، على أساس مبدأ الاحترام المتبادل، والالتزام بتفادي حدوث انقسامات مستقبلية، وقال إنها أمور جوهرية للمحافظة على السلم والاستقرار الدائمين في دارفور. وسعيا إلى تنمية مستدامة، قال الإعلان 'يجب معالجة التدهور البيئي والموارد المالية واستخدام الأرض. ويجب أيضا التأكيد على حقوق ملكية الأرض القبلية (الحواكير) والحقوق التاريخية الأخرى بحدودها التاريخية. ويجب كذلك الأخذ في الاعتبار الآليات التقليدية في دارفور، وفقا لأحكام الدستور القومي'. أما بخصوص الترتيبات الأمنية فقد طالبت الأطراف بدراسة واسعة النطاق من أجل تعزيز استعادة السلم في إطار اتفاقية شاملة.
2 ـ الانقسام فى حركة التحرير
عقب النجاح الذى تحقق عبر توقيع إعلان المبادئ، بدأت تلوح في الأفق بعض الآمال بقرب الوصول إلى حل سلمى لأزمة دارفور، بعد أن تم الاتفاق على المبادئ العامة الحاكمة لعملية التسوية، ورغم الإدراك العام بأن تطبيق هذه المبادئ من خلال تفاصيل محددة لن يكون أمراً سهلاًً، إذ أنه سوف يخضع لعملية مساومات طويلة ومعقدة بسبب الطبيعة الحاكمة لأزمة دارفور نفسها، وأيضاً بسبب التركيبة القبلية للحركات المسلحة في الإقليم وضبابية أهدافها وبرامجها، إلا أن ما شجع على هذا التفاؤل هو أن الإطار العام لمسار هذه الأزمة، كان يبدو وكأنه قد استنفد قواه الدافعة نحو التصعيد، وأن الاتفاق على إعلان المبادئ كان يمثل إيذاناً ببدء مرحلة جديدة يتجه فيها الصراع إلى فترة من الهدوء والتقاط الأنفاس، ليتخذ مساراً جديداً في الاتجاه الهابط هذه المرة، نحو الحل السلمى والتسوية السياسية. خاصة وأن كل الظروف والمعطيات التي شهدتها مرحلة تصعيد الصراع وكانت تمثل القوة المحركة والبيئة الحاضنة للأزمة، قد تغيرت بشكل كبير، فمشكلة جنوب السودان كان قد تم حلها عبر توقيع الاتفاق النهائى بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية فى 9 يناير 2005، ومضت الأمور فى طريقها المرسوم فى اتجاه تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، إلى أن جاء الموت المأساوى لجون قرنق فى الأول من أغسطس من العام نفسه، وما أحدثه ذلك من تداعيات حول مسألة الاستقرار فى الجنوب وتماسك الحركة الشعبية وإعادة ترتيب أولوياتها، وما يتصل بذلك من قضايا. كل ذلك جذب الاهتمام بعيدا عن أزمة دارفور، وخفف من التركيز الإعلامى عليها، بل وأصبح من المطلوب الوصول لتسوية لها حتى لا تمثل تهديدا للعملية السياســية الرئيسية المتعلقة بمشكلة الجنوب.
غير أن الأمور لم تسر في طريق الحل، بل اتجهت إلى المزيد من التعقيد والتدهور يوماً بعد يوم، فنتيجة لاقتراب عملية التسوية بدأت الصراعات القائمة في حركتى تحرير السودان والعدالة والمساواة، في التفجر حيث بدا كل طرف حريصاً على الاستحواذ على أكبر قدر من المكاسب الممكنة، وظهر ذلك واضحاً بشكل كبير في حركة تحرير السودان، حيث وصل الصراع بين رئيس الحركة عبد الواحد نور وأمينها العام منى أركو مناوى إلى نقطة اللا عودة، وعمد فريق أركوى إلى تعطيل المفاوضات من خلال إعلانه الدعوة لعقد مؤتمر عام لحركة التحرير تعيد فيه صياغة مؤسساتها وهياكلها القيادية، وأنه لا يمكن بدء المفاوضات قبل الانتهاء من عقد المؤتمر، وبطبيعة الحال كان ظاهر هذه الدعوة أن حركة التحرير يجب أن تتوحد أولاً وتحسم خلافاتها لتدخل إلى التفاوض بفريق له شرعية تمثيل الحركة، وله القدرة أيضاً على تنفيذ ما يتوصل إليه من اتفاقات، إلا أن الهدف الحقيقى من هذا التحرك كان السعى إلى إقصاء عبد الواحد نور من رئاسة الحركة وملء المواقع القيادية والهامة بأنصار منى أركوى الذى سيصبح هو الرئيس في هذه الحالة، بعد أن وصل الصراع بين الرجلين إلى مداه، ويمكننا أن ندرك عمق وحدة هذا الصراع بملاحظة أن الاصطفاف أو الانقسام بين الفريقين يتم على أسس قبلية حيث ينتمى عبد الواحد نور إلى قبيلة الفور بينما ينتمى منى أركو إلى الزغاوة، ويستعمل كل منهما آلية الانتماء القبلى هذه فى حشد الأنصار .
ووعيا منه بأهداف مجموعة الزغاوة التي يقودها أركو بادر عبد الواحد نور إلى المشاركة فى الجولة السادسة بعد أن تأجلت من 24 أغسطس 2005 إلى منتصف سبتمبر، وأعلن أنه الممثل الشرعى للحركة، ورد منى أركو على ذلك بإعـــلان أن الفريق المفاوض فى أبوجا لا يمثل الحركــــة وأنه ومجموعته لن يلتزمــــوا بأى اتفاقـــات يتم الوصول إليها.
وفى وقت سابق على الدعوة إلى المؤتمر العام لحركة التحرير كانت هناك اشتباكات واسعة بين مسلحى حركة التحرير ومسلحى العدالة والمساواة، كان الهدف منها إحكام حركة التحرير لسيطرتها الميدانية استعداداً للغنائم التى قد تسفر عنها التسوية من سلطة سياسية أو موارد اقتصادية، وإقصاء العدالة والمساواة وتحجميها بقدر الإمكان باعتبار أن وجودها العسكرى محدود، وبالتالى فإن سيطرتها الميدانية هى على رقعه صغيرة من الأرض.
ونظراً لحرص الاتحاد الأفريقى والمجتمع الدولى على مشاركة كل الفصائل السياسية فى مفاوضات أبوجا السادسة فقد بذلت العديد من الجهود لمحاولة تذليل العقبات أمام عقد هذه الجولة التى وصفت بأنها ستكون حاسمة. حيث قام ممثل الاتحاد الإفريقى وكبير مفاوضيه في الأزمة سالم أحمد سالم بزيارة الخرطوم أوائل سبتمبر لإجراء محادثات مع أطراف الأزمة (الحكومة -جيش تحرير السودان خاصة القيادة الميدانية) وأكد سالم خلال هذه المحادثات على ضرورة مشاركة جميع قوى الإقليم بها. كما أعلن سالم عن نيته زيارة دول الجوار الفاعلة فى الأزمة مثل ليبيا وتشاد من أجل معرفة مدى إمكانية مساهمتها فى نجاحها. وفى نفس الإطار ذهب موفد الخارجية الأمريكية إلى السودان روجر وينتر الذى حرص أثناء زيارته للسودان على زيارة المسئولين الحكوميين والمواقع الميدانية لمتمردى دار فور، وتأكيده خلال الزيارة على حرص بلاده على وضع حد لهذا الصراع. حيث أكد أن بلاده والمجتمع الدولى لن يسمحا باستمراره إلى ما لا نهاية، مشيراً إلى ضرورة أن تحسم مفاوضات أبوجا معظم القضايا المتعلقة باقتسام السلطة والثروة حتى وإن لم تكن بصورة نهائية. وعلى ضوء هذه الاتصالات تم تأجيل المفاوضات إلى منتصف سبتمبر 2005، على أمل أن يؤدى انعقاد المؤتمر إلى احتواء الانقسامات، وإعادة تنظيم حركة التحرير على أسس أكثر مؤسسية، الأمر الذى قد يساعد على إنجاز بعض التقدم. إلا أن المؤتمر لم ينعقد فى الوقت الذى كان محددا له لأسباب يبدو أنها لوجستية، ومن ثم اضطر الإتحاد الإفريقي إلى بدء المباحثات فى الموعد السابق إعلانه فى ظل هذه الانقسامات و الأجواء غير المواتية. وهكذا بدا أن العناصر المسلحة التى حملت عبء التصعيد العسكرى فى وقت سابق من خلال عمليات حرب العصابات، قد بدأت تنقسم على نفسها فى صراع مميت انعكس سلباً على عملية المفاوضات، التى أصبح من الصعب مواصلتها بالقــــدر اللازم من الجدية نتيجة الأوضاع المتحركة على الأرض والشكــوك القوية فى إمكانيـــــة تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
وزاد الأمر سوءاً أن هذه الحالة من الصراعات الداخلية أحدثت تداعيات أخرى أكثر خطورة، إذ تدهور الوضع الأمنى فى الإقليم وشمل ذلك الهجوم على معسكرات النازحين وقتل واختطاف بعض الجنود والعاملين التابعين للاتحاد الإفريقي. وتزايدت وتيرة النهب المسلح الذى تعمد إليه الحركات المسلحة من أجل الحصول على التمويل ولاستثارة رد فعل القبائل الرعوية التى تتعرض لهذا النهب لإحداث المزيد من الاضطراب الأمنى، وهو ما حدث بالفعل، الأمر الذى بدا واضحاً أنه يتم بشكل متعمد لتحقيق أهداف سياسية تتعلق بالفصائل التى تقوم بالهجوم، سواء لتأكيد وجودها وقدرتها على خلخة الاستقرار، أو لتعطيل المفاوضات السياسية مادامت لا ترضى عن تشكيلها والمسار الذى تتم فيه. وأصبح واضحا أنه رغم التدخلات الدولية المتوالية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة، لدى جناح أركو مناوى، والاستجابة أحياناً لبعض مطالبه بإمهاله بعض الوقت، إلا أن هذه الجهود والمحاولات لم تفلح فى رأب الصدع بين فصيلى الحركة. و قد انتهى ذلك بإعلان الجناح المؤيد لمنى أركوى مناوى الأمين العام لحركة تحرير السودان فى نهاية الأسبوع الأول من نوفمبر 2005، أن الحركة قد أنهت بنجاح مؤتمرها العام الذى عقد فى منطقة حسكنيته بدارفور، وأن المؤتمر قد عقد لواء الرئاسة لأركو مناوى بعد حصوله على 486 من 633 صوتاً، هى جملة أصوات المقترعين، وإضافة إلى ذلك تم اعتماد الهيكل التنظيمى للحركة الذى اعتمد 4 مؤسسات فيه هى: المجلس القيادى، والمجلس الثورى (برلمان الحركة)، والجهاز القضائى، وقوات التحرير السودانية (جيش الحركة)، كما قام المؤتمر بإجازة النظام الأساسى للحركة، الذى يشمل الدستور ومجموعة اللوائح التى تحمل الأهداف والمبادئ. أما عبد الواحد محمد نور رئيس الحركة الذى لم يحضر المؤتمر، فقد آثر البقاء فى منطقة جبل مرة مع الجناح المؤيد له، معلناً رفضه للمؤتمر وعدم اعترافه بالقرارات الصادرة عنه، وبذلك انشقت الحركة بشكل نهائى الى جناحين أساسيين، الأمر الذى كان له تأثيره على مسار المفاوضات فيما بعد، وأيضا على اتفاق أبوجا بعد توقيعه.
3 ـ اتفاق أبوجا للسلام فى دارفور
بعد العديد من الجولات التى شهدت الكثير من المصاعب والانتكاسات والتعثر، وبعد أكثر من عامين من المفاوضات الشاقة والمضنية، تم توقيع اتفاق أبوجا للسلام فى دارفور فى 5 مايو 2006 برعاية الاتحاد الأفريقى ومجموعة الوسطاء الإقليميين والدوليين، ورغم حالة الولادة العسرة التى مر بها الاتفاق، ورغم كونه ظل ناقصا منذ توقيعه بالنظر إلى عدم توقيع اثنين من الفصائل المسلحة عليه، إلا أنه حقق إنجازا هائلا تمثل فى انه أقر الصيغة الأساسية لوضع حد للقتال الدائر فى الإقليم. وقد حقق الاتفاق العديد من المكاسب للحركات المسلحة باستجابته لبعض المطالب التى رفعتها باسم الإقليم، وأبقى فى الوقت نفسه على صلة ولايات دارفور الثلاث بالمركز دون أن تتحول إلى علاقة كونفدرالية واهنة قد تتعرض للقلاقل فى المستقبل، مع ترحيل بعض القضايا ـ مثل ضم الولايات الثلاث فى إقليم واحد ـ للاستفتاء عليها فى تاريخ لاحق، لكى يشترك فى تقريرها كل أبناء الإقليم، بعد أن تهدأ النفوس وتضع الحرب أوزارها وتدور عجلة التنمية.


و
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saadhamdy.yoo7.com
 
السودان وأزمات بناء السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات محبى سيناء :: الأجنده القانونيه :: القانون الدولى العام-
انتقل الى: