ضحية نفسه والشيطان ومبارك…

ضحية نفسه والشيطان ومبارك

يوم تقليدى جدا ، زحام فى كل مكان ، المترو مكتظ براكبيه كالعادة ، فجأة فى محطة الدقى توقف المترو ، لم يخطر ببال أحد من راكبيه ، انهم يقفون عل جثة شاب فى مقتبل العمر واصبح فى اخره ، وبعد دقائق من التوقف ،و حركات مريبة على الرصيف ، اناس يهرولون بين أول الرصيف وأخره ، كانت الساعة الثانية عشر ظهرا ، وبعد 10 دقائق من التوقف أصيب عدد من الركاب بالاختناق نتيجة للزحام الشديد ، وبدأوا فى فتح الابواب .

تجمع الناس عند العربة الرابعة، وهى العربة التى يوجد الشاب تحتها ، وجدنا رجلا كان على الرصيف ، وقال أن الشاب لم يكن يبدو عليه أى شئ غير عادى ، الا انه وبمجرد إقتراب المترو من الرصيف ، القى بنفسه أمامه .

حتى تلك اللحظة لم يكن أحد يعرف شيئا الى أن رأينا رجل الشاب ظاهرة من تحت العجلات ، وهنا تأكدنا ان احدهم بالفعل تحت المترو ، وان الامر لا علاقة له بالخيال الواسع ، والكلام المتناقل ، وبعد 25 دقيقة بدأ المترو فى التحرك ، لتبدو جثة الشاب الملقى على القضبان ، ويقوم عدد من العاملين بالمحطة برفعه وتغطيته بورق الصحف .

الذين رأوا الشاب قبل وفاته اكدوا ان عمره حوالى خمسة وعشرين عاما ، ولا يبدو عليه علامات المرض النفسى او الجنان الذى يلصقونه بكل من يحاول الانتحار ، ورغم ان احدا لا يعرف سبب انتحار الشاب ، الا ان كل من الواقفين على الرصيف أوجد سببا ومبررا لاقدامه على الانتحار يتناسب مع مبرراته الذاتية ، فاحدى السيدات قالت اكيد انتحر من الغلا اللى احنا فيه ، وقال شاب اخر تلاقيه مش لاقى شغل وعاطل هيعيش ليه ، اما اكثرهم رومانسية فقال تلاقيه بيحب واحدة من زمان ومش عارف يتجوزها ، وليس المهم فى توقعات الناس التوقعات ذاتها ، وانما كونهم يجدون مبررات للانتحار ، وهو ما يعنى اننا امام شعب لديه قناعة بأن الموت هو الحل ، خاصة انها ليست المرة الاولى ….

ورغم ان الموقف كان صعبا للغاية الا ان الواقفين لم يترفعوا عن الحكم على الشاب ، فالبعض يرى انه الان يكفر ذنوبه ، ويرد اخر لا ده هيروح جهنم ،البعض التمس العذر والبعض قال كافر ، رغم ان ايهم لا يعرف ظروف الشاب وما دفعه لذلك .

وايا كان الدافع الذى يدفع شاب لم يتعد الثلاثين للانتحار وبتلك الطريقة البشعة والتى لا شك انه كان مقدرا بشاعتها ، فالمنتحرين عادة يبحثون عن وسائل مريحة كالادوية والشتق فى اسوأ الاحوال ، اما ان يلقى بنفسه تحت قطار يعلم جيدا كيف سيخرج من تحته ، وبتلك ا لجرأة ودون تردد أو خوف ، وايا كانت ظروفه فهو ضحية لنفسه وللشيطان ولمبارك المسئول عن كل الاسباب التى قد تدفع للانتحار ، فالغلاء والبطالة وحتى تأخر الزواج وكل المصائب التى نمر بها ، هو احد اسبابها ، وتمر برضاءه وتحت اشرافه …